من رف يرف إذا ارتفع، ومنه رفرفة الطائر لتحريكه جناحيه في الهواء. وربما سموا الظليم رفرافا بذلك، لأنه يرفرف بجناحيه ثم يعدو. ورفرف الطائر أيضا إذا حرك جناحيه حول الشيء يريد أن يقع عليه. والرفرف أيضا كسر الخباء وجوانب الدرع وما تدلى منها، الواحد رفرفة. وفي الخبر في وفاة النبي ﷺ : فرفع الرفرف فرأينا وجهه كأنه ورقة تخشخش أي رفع طرف الفسطاط. وقيل : اصل الرفرف من رف النبت يرف إذا صار غضبا نضيرا، حكاه الثعلبي. وقال القتبي : يقال للشيء إذا كثر ماؤه من النعمة والغضاضة حتى كاد يهتز : رف يرف رفيفا، حكاه الهروي. وقد قيل : إن الرفرف شيء إذا استوى عليه صاحبه رفرف به وأهوى به كالمرجاح يمينا وشمالا ورفعا وخفضا يتلذذ به مع أنسيته، قاله الترمذي الحكيم في "نوادر الأصول" وقد ذكرناه في "التذكرة". قال الترمذي : فالرفرف اعظم خطرا من الفرش فذكره في الأوليين ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ﴾ وقال هنا :﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ﴾ فالرفرف هو شيء إذا استوى عليه الولي رفرف به، أي طار به هكذا وهكذا حيث ما يريد كالمرجاح، وأصله من رفرف بين يدي الله عز وجل، روي لنا في حديث المعراج أن رسول الله ﷺ لما بلغ سدرة المنتهى جاءه الرفرف فتناوله منم جبريل وطار به إلى مسند العرش، فذكر أنه قال :"طار بي يخفضني ويرفعني حتى وقف بي بين يدي ربي" ثم لما حان الانصراف تناول فطار به خفضا ورفعا يهوي به حتى أداه إلى جبريل صلوات الله وسلامه عليه وجبريل يبكي ويرفع صوته بالتحميد، فالرفرف خادم من الخدم بين يدي الله تعالى له خواص الأمور في محل الدنو والقرب، كما أن البراق دابة يركبها الأنبياء مخصوصة بذلك في أرضه، فهذا الرفرف الذي سخره الله لأهل الجنتين الدانيتين هو متكاهما وفرشهما، يرفرف بالولي على حافات تلك الأنهار وشطوطها حيث شاء إلى خيام أزواجه الخيرات الحسان. ثم قال :﴿وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ﴾ فالعبقري ثياب منقوشة تبسط، فإذا قال خالق النقوش إنها حسان فما ظنك بتلك العباقر!. وقرأ عثمان رضي الله عنه والجحدري والحسن وغيرهم ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفَارَفَ﴾ بالجمع غير مصروف كذلك


الصفحة التالية
Icon