إذا وقعت الواقعة. وقال الجرجاني :﴿إِذَا﴾ صلة، أي وقعت الواقعة، كقوله :﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ﴾ و ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ﴾ وهو كما يقال : قد جاء الصوم أي دنا واقترب. وعلى الأول ﴿إِذَا﴾ للوقت، والجواب قوله :﴿فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ﴾. ﴿لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ﴾ الكاذبة مصدر بمعنى الكذب، والعرب قد تضع الفاعل والمفعول موضع المصدر، كقوله تعالى :﴿لا تَسْمَعُ فِيهَا لاغِيَةً﴾ أي لغو، والمعنى لا يسمع لها كذب، قاله الكسائي. ومنه قول العامة : عائذا بالله أي معاذ الله، وقم قائما أي قم قياما. ولبعض نساء العرب ترقص أبنها :
قم قائما قم قائما... أصبت عبدا نائما
وقيل : الكاذبة صفة والموصوف محذوف، أي ليس لوقعتها حال كاذبة، أو نفس كاذبة، أي كل من يخبر عن وقعتها صادق. وقال الزجاج :﴿لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ﴾ أي لا يردها شيء. ونحوه قول الحسن وقتادة. وقال الثوري : ليس لوقعتها أحد يكذب بها. وقال الكسائي أيضا : ليس لها تكذيب، أي ينبغي ألا يكذب بها أحد. وقيل : إن قيامها جد لا هزل فيه.
قوله تعالى :﴿خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ﴾ قال عكرمة ومقاتل والسدي : خفضت الصوت فأسمعت من دنا ورفع من نأى، يعني أسمعت القريب والبعيد. وقال السدي : خفضت المتكبرين ورفعت المستضعفين. وقال قتادة : خفضت أقواما في عذاب الله، ورفعت، أقواما إلى طاعة الله. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : خفضت أعداء الله في النار، ورفعت أولياء الله في الجنة. وقال محمد بن كعب : خفضت أقواما كانوا في الدنيا مرفوعين، ورفعت، أقوات كانوا في الدنيا مخفوضين. وقال ابن عطاء : خفضت أقواما بالعدل، ورفعت آخرين بالفضل. والخفض والرفع يستعملان عند العرب في المكان والمكانة، والعز والمهانة. ونسب سبحانه الخفض والرفع للقيامة