نزلت في الأنصار كانوا يصلون العشاءين في مسجد النبي ﷺ ثم يمضون إلى قباء. وقال محمد بن علي بن الحسين : كانوا لا ينامون حتى يصلوا العتمة. قال الحسن : كأنه عد هجوعهم قليلا في جنب يقظتهم للصلاة. وقال ابن عباس ومطرف : قل ليلة لا تأتي عليهم إلا يصلون لله فيها إما من أولها وإما من وسطها.
الثانية : روي عن بعض المتهجدين أنه أتاه أت في منامه فأنشده :
وكيف تنام الليل عين قريرة | ولم تدر في أي المجالس تنزل |
وروي عن رجل من الأزد أنه قال : كنت لا أنام الليل فنمت في آخر الليل، فإذا أنا بشابين أحسن ما رأيت ومعهما حلل، فوقفا على كل مصل وكسواه حلة، ثم انتهيا إلى النيام فلم يكسواهم، فقلت لهما : أكسواني من حللكما هذا ؛ فقالا لي : إنها ليست حلة لباس إنما هي رضوان الله يحل على كل مصل. ويروى عن أبي خلاد أنه قال : حدثني صاحب لي قال : فبينا أنا نائم ذات ليلة إذ مثلت لي القيامة، فنظرت إلى أقوام من إخواني قد أضاءت وجوههم، وأشرقت ألوانهم، وعليهم الحلل من دون الخلائق، فقلت : ما بال هؤلاء مكتسون والناس عراة، ووجوههم مشرقة ووجوه الناس مغبرة ! فقال لي قائل : الذين رأيتهم مكتسون فهم المصلون بين الأذان والإقامة، والذين وجوههم مشرقة فأصحاب السهر والتهجد، قال : ورأيت أقواما على نجائب، فقلت : ما بال هؤلاء ركبانا والناس مشاة حفاة ؟ فقال لي : هؤلاء الذين قاموا على أقدامهم تقربا بالله تعالى فأعطاهم الله بذلك خير الثواب ؛ قال : فصحت في منامي : واها للعابدين، ما أشرف مقامهم! ثم استيقظت من منامي وأنا خائف.
الثالثة : قوله تعالى :
﴿وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ مدح ثان ؛ أي يستغفرون من، ذنوبهم، قاله الحسن. والسحر وقت يرجى فيه إجابة الدعاء. وقد مضى في "آل عمران" القول فيه. وقال ابن عمر ومجاهد : أي يصلون وقت السحر فسموا الصلاة استغفارا. وقال الحسن في قوله تعالى :
﴿كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾ مدوا الصلاة من أول الليل