ابن الفضل : احترزوا من كل شيء دون الله فمن فر إلى غيره لم يمتنع منه. وقال أبو بكر الوراق : فروا من طاعة الشيطان إلى طاعة الرحمن. وقال الجنيد : الشيطان داع إلى الباطل ففروا إلى الله يمنعكم منه. وقال ذو النون المصري : ففروا من الجهل إلى العلم، ومن الكفر إلى الشكر. وقال عمرو بن عثمان : فروا من أنفسكم إلى ربكم. وقال أيضا : فروا إلى ما سبق لكم من الله ولا تعتمدوا على حركاتكم. وقال سهل بن عبدالله : فروا مما سوى الله إلى الله.﴿إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ أي أنذركم عقابه على الكفر والمعصية.
قوله تعالى :﴿وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ﴾ أمر محمدا ﷺ أن يقول هذا للناس وهو النذير. وقيل : هو خطاب من الله للخلق. ﴿إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ﴾ أي من محمد وسيوفه ﴿نََذِيرٌ مُبِينٌ﴾ أي أنذركم بأسه وسيفه إن أشركتم بي ؛ قاله ابن عباس.
قوله تعالى :﴿كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ﴾ هذا تسلية للنبي ﷺ ؛ أي كما كذبك قومك وقالوا ساحر أو مجنون، كذب من قبلهم وقالوا مثل قولهم. والكاف من ﴿كَذَلِكَ﴾ يجوز أن تكون نصبا على تقدير أنذركم إنذارا كإنذار من الرسل الذين أنذروا قومهم، أو رفعا على تقدير الأمر كذلك أي كالأول. والأول تخويف لمن عصاه من الموحدين، والثاني لمن أشرك به من الملحدين. والتمام على قوله :﴿كَذَلِكَ﴾ عن يعقوب وغيره. ﴿أَتَوَاصَوْا بِهِ﴾ أي أوصى أولهم آخرهم بالتكذيب. وتواطؤوا عليه ؛ والألف للتوبيخ والتعجب. ﴿بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ﴾ أي لم يوص بعضهم بعضا بل جمعهم الطغيان، وهو مجاوزة الحد في الكفر. ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ﴾ أي أعرض عنهم أصفح عنهم ﴿فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ﴾ عند الله لأنك أديت ما عليك من تبليغ الرسالة، ثم نسخ هذا بقوله تعالى ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ وقيل : نسخ بآية السيف. والأول قول الضحاك ؛ لأنه قد أمر بالإقبال عليهم بالموعظة. وقال مجاهد :﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ﴾ فأعرض عنهم ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ﴾ أي ليس يلومك ربك