في الأرض موضع الكعبة في زمان آدم عليه السلام، فلما كان زمان نوح عليه السلام أمرهم أن يحجوا فأبوا عليه وعصوه، فلما طغى الماء رفع فجعل بحذائه في السماء الدنيا، فيعمره كل يوم سبعون ألف ملك، ثم لا يرجعون إليه حتى ينفخ في الصور، قال : فبوأ الله جل وعز لإبراهيم مكان البيت حيث كان ؛ قال الله تعالى :﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [الحح : ٢٦].
قوله تعالى :﴿وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ﴾ يعني السماء سماها سقفا ؛ لأنها للأرض كالسقف للبيت ؛ بيانه :﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً﴾ [الأنبياء : ٣٢]. وقال، ابن عباس : هو العرش وهو سقف الجنة.﴿وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ﴾ قال مجاهد : الموقد ؛ وقد جاء في الخبر :"إن البحر يسجر يوم القيامة فيكون نارا". وقال قتادة : المملوء. وأنشد النحويون للنمر بن تولب :
إذا شاء طالع سجورة... ترى حولها النبع والساسما
يريد وعلا يطالع عينا مسجورة مملوءة. فيجوز أن يكون المملوء نارا فيكون كالقول المتقدم. وكذا قال الضحاك وشمر بن عطية ومحمد بن كعب والأخفش بأنه الموقد المحمي بمنزلة التنور المسجور. ومنه قيل : للمسعر مسجر ؛ ودليل هذا التأويل قوله تعالى :﴿وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ﴾ [التكوير : ٦] أي أوقدت ؛ سجرت التنور أسجره سجرا أي أحميته. وقال سعيد بن المسيب : قال علي رضي الله عنه لرجل من اليهود : أين جهنم ؟ قال : البحر. قال ما أراك إلا صادقا، وتلا :.﴿وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ﴾ ﴿وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ﴾ [التكوير : ٦] مخففة. وقال عبدالله بن عمرو : لا يتوضأ بماء البحر لأنه طبق جهنم. وقال كعب : يسجر البحر غدا فيزاد في نار جهنم ؛ فهذا قول وقال ابن عباس : المسجور الذي ذهب ماؤه. وقاله أبو العالية. وروى عطية وذو الرمة الشاعر عن ابن عباس قال : خرجت أمة لتستقي فقالت : إن الحوض مسجور أي فارع، قال ابن أبي داود : ليس لذي الرمة حديث إلا هذا. وقيل : المسجور أي المفجور ؛ دليله :﴿وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ﴾ [الانفطار : ٣] أي تنشفها الأرض فلا يبقى فيها ماء.


الصفحة التالية
Icon