﴿وَلا تَأْثِيمٌ﴾ ولا ما فيه إثم. والتأثيم تفعيل من الإثم ؛ أي تلك الكأس لا تجعلهم آثمين لأنه مباح لهم. وقيل :﴿لا لَغْوٌ فِيهَا﴾ أي في الجنة. قال ابن عطاء : أي لغو يكون في مجلس محله جنة عدن، وسقاتهم الملائكة، وشربهم على ذكر الله، وريحانهم وتحيتهم من عند الله، والقوم أضياف الله! ﴿وَلا تَأْثِيمٌ﴾ أي ولا كذب ؛ قاله ابن عباس. الضحاك : يعني لا يكذب بعضهم بعضا. وقرأ ابن كثير وابن محيصن وأبو عمرو :﴿لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ﴾ بفتح آخره. الباقون بالرفع والتنوين. وقد مضى هذا في "البقرة" عند قوله تعالى :﴿وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ﴾ [البقرة : ٢٥٤] والحمد لله.
قوله تعالى :﴿وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ﴾ أي بالفواكه والتحف والطعام والشراب ؛ ودليله :﴿يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ﴾ [الزخرف : ٧١]، ﴿يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ﴾ [الصافات : ٤٥]. ثم قيل : هم الأطفال من أولادهم الذين سبقوهم، فأقر الله تعالى بهم أعينهم. وقيل : إنهم من أخدمهم الله تعالى إياهم من أولاد غيرهم. وقيل : هم غلمان خلقوا في الجنة. قال الكلبي : لا يكبرون أبدا ﴿كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ﴾ في الحسن والبياض ﴿لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ﴾ في الصدف، والمكنون المصون. وقوله تعالى :﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ﴾ [الواقعة : ١٧]. قيل : هم أولاد المشركين وهم خدم أهل الجنة. وليس في الجنة نصب ولا حاجة إلى خدمة، ولكنه أخبر بأنهم على نهاية النعيم. وعن عائشة رضي الله عنها : أن نبي الله ﷺ قال :"إن أدنى أهل الجنة منزلة من ينادي الخادم من خدمه فيجيبه ألف كلهم لبيك لبيك". وعن عبدالله بن عمر قال : قال النبي ﷺ :"ما من أحد من أهل الجنة إلا يسعى عليه ألف غلام كل غلام على عمل ليس عليه صاحبه". وعن الحسن أنهم قالوا : يا رسول الله إذا كان الخادم كاللؤلؤ فكيف يكون المخدوم ؟ فقال :"ما بينهما كما بين القمر ليلة البدر وبين أصغر الكواكب". قال الكسائي : كننت الشيء سترته وصنته من الشمس، وأكننته في نفسي أسررته. وقال أبو زيد : كننته وأكننته بمعنى في الكن وفي النفس جميعا ؛ تقول : كننت العلم وأكننته فهو مكنون ومكن. وكننت الجارية وأكننتها فهي مكنونة ومكنة.


الصفحة التالية
Icon