المهدوي والثعلبي. وقال أنس بن مالك :﴿إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى﴾ قال جراد من ذهب وقد رواه مرفوعا. وقال مجاهد : إنه رفرف أخضر. وعنه عليه السلام :"يغشاها رفرف من طير خضر". وعن ابن عباس : يغشاها رب العزة ؛ أي أمره كما في صحيح مسلم مرفوعا :"فلما غشيها من أمر الله ما غشي". وقيل : هو تعظيم الأمر ؛ كأنه قال : إذ يغشى السدرة ما أعلم الله به من دلائل ملكوته. وهكذا قوله تعالى :﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى﴾ ﴿وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى﴾ [النجم : ٥٣] ومثله :﴿الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ﴾ [الحاقة : ١]. وقال الماوردي في معاني القرآن له : فإن قيل لم آختيرت السدرة لهذا الأمر دون غيرها من الشجر ؟ قيل : لأن السدرة تختصى بثلاثة أوصاف : ظل مديد، وطعم لذيذ، ورائحة ذكية ؛ فشابهت الإيمان الذي يجمع قولا وعملا ونية ؛ فظلها من الإيمان بمنزلة العمل لتجاوزه، وطعمها بمنزلة النية لكونه، ورائحتها بمنزلة القول لظهوره. وروى أبو داود في سننه قال : حدثنا نصر بن علي قال حدثنا أبو أسامة عن ابن جريج عن عثمان بن أبي سليمان عن سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم عن عبدالله بن حبشي، قال : قال رسول الله ﷺ :"من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار" وسئل أبو داود عن معنى هذا الحديث فقال : هذا الحديث مختصر يعني من قطع سدرة في فلاة يستظل بها ابن السبيل والبهائم عبثا وظلما بغير حق يكون له فيها صوب الله رأسه في النار.
قوله تعالى :﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى﴾ قال ابن عباس : أي ما عدل يمينا ولا شمالا، ولا تجاوز الحد الذي رأى. وقيل : ما جاوز ما أمر به. وقيل : لم يمد بصره إلى غير ما رأى