الحادية عشرة : لا تسقط الجمعة لكونها في يوم عيد، خلافا لأحمد بن حنبل فإنه قال : إذا اجتمع عيد وجمعة سقط فرض الجمعة ؛ لتقدم العيد عليها واشتغال الناس به عنها. وتعلق في ذلك بما روي أن عثمان أذن في يوم عيد لأهل العوالي أن يتخلفوا عن الجمعة. وقول الواحد من الصحابة ليس بحجة إذا خولف فيه ولم يجمع معه عليه. والأمر بالسعي متوجه يوم العيد كتوجهه في سائر الأيام. وفي صحيح مسلم عن النعمان بن بشير قال : كان رسول الله ﷺ يقرأ في العيدين وفي الجمعة : بـ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى﴾ و ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ قال وإذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد يقرأ بهما أيضا في الصلاتين. أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.
الثانية عشرة- قوله تعالى :﴿إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ أي الصلاة. وقيل الخطبة والمواعظ ؛ قاله سعيد بن جبير. ابن العربي : والصحيح أنه واجب في الجميع ؛ وأول الخطبة. وبه قال علماؤنا ؛ إلا عبدالملك بن الماجشون فإنه رآها سنة. والدليل على وجوبها أنها تحرم البيع ولولا وجوبها ما حرمته ؛ لأن المستحب لا يحرم المباح. وإذا قلنا : إن المراد بالذكر الصلاة فالخطبة من الصلاة. والعبد يكون ذاكرا لله بفعله كما يكون مسبحا لله بفعله. الزمخشري : فإن قلت : كيف يفسر ذكر الله بالخطبة وفيها غير ذلك! قلت : ما كان من ذكر رسول الله ﷺ والثناء عليه وعلى خلفائه الراشدين وأتقياء المؤمنين والموعظة والتذكير فهو في حكم ذكر الله. فأما ما عدا ذلك من ذكر الظلمة وألقابهم والثناء عليهم والدعاء لهم، وهم أحقاء بعكس ذلك ؛ فهو من ذكر الشيطان، وهو من ذكر الله على مراحل.
الثالثة عشرة- قوله تعالى :﴿وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ منع الله عز وجل منه عند صلاة الجمعة، وحرمه في وقتها على من كان مخاطبا بفرضها. والبيع لا يخلو عن شراء فاكتفى بذكر أحدهما، كقوله تعالى :﴿سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ﴾. وخص البيع لأنه أكثر ما يشتغل به أصحاب الأسواق. ومن لا يجب عليه حضور الجمعة فلا ينهى عن البيع والشراء.