قوله تعالى :﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ أمرهم بالإيمان بعد أن عرفهم قيام الساعة. ﴿وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا﴾ وهو القرآن، وهو نور يهتدي به من ظلمة الضلال. ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾.
الآية :[٩] ﴿يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾
فيه ثلاث مسائل :
الأولى- قوله تعالى :﴿يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ﴾ العامل في " يَوْمَ " " لَتُنَبَّؤُنَّ " أو " خَبِيرٌ " لما فيه من معنى الوعد ؛ كأنه قال : والله يعاقبكم يوم يجمعكم. أو بإضمار اذكر. والغبن : النقص. يقال : غبنه غبنا إذا أخذ الشيء منه بدون قيمته. وقراءة العامة "يجمعكم" بالياء ؛ لقوله تعالى :﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ فاخبر. ولذكر اسم الله أولا. وقرأ نصر وابن أبي إسحاق والجحدري ويعقوب وسلام "نجمعكم" بالنون ؛ اعتبارا بقوله :﴿وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا﴾. ويوم الجمع يوم يجمع الله الأولين والآخرين والإنس والجن وأهل السماء وأهل الأرض. وقيل : هو يوم يجمع الله بين كل عبد وعمله. وقيل : لأنه يجمع فيه بين الظالم والمظلوم. وقيل : لأنه يجمع فيه بين كل نبي وأمته. وقيل : لأنه يجمع فيه بين ثواب أهل الطاعات وعقاب أهل المعاصي. ﴿ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ﴾ أي يوم القيامة. قال :

وما أرتجي بالعيش في دار فرقة ألا إنما الراحات يوم التغابن
وسمى يوم القيامة يوم التغابن ؛ لأنه غبن فيه أهل الجنة أهل النار. أي أن أهل الجنة أخذوا الجنة، وأخذ أهل النار النار على طريق المبادلة ؛ فوقع الغبن لأجل مبادلتهم الخير بالشر، والجيد بالرديء، والنعيم بالعذاب. يقال : غبنت فلانا إذا بايعته أو شاريته فكان النقص عليه والغلبة لك. وكذا أهل الجنة وأهل النار ؛ على ما يأتي بيانه. ويقال : غبنت


الصفحة التالية
Icon