وقال قتادة : سنسمه يوم القيامة على أنفه سمة يعرف بها ؛ يقال : وسمته وسما وسمة إذا أثرت فيه بسمة وكي. وقد قال تعالى :﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾ فهذه علامة ظاهرة. وقال تعالى :﴿وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً﴾ وهذه علامة أخرى ظاهرة. فأفادت هذه الآية علامة ثالثة وهي الوسم على الأنف بالنار ؛ وهذا كقوله تعالى :﴿يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ﴾ قاله الكلبي وغيره. وقال أبو العالية ومجاهد :﴿سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ﴾ أي على أنفه، ونسود وجهه في الآخرة فيعرف بسواد وجهه. والخرطوم : الأنف من الإنسان. ومن السباع : موضع الشفة. وخراطيم القوم : ساداتهم. قال الفراء : وإن كان الخرطوم قد خص بالسمة فإنه في معنى الوجه ؛ لأن بعض الشيء يعبر به عن الكل. وقال الطبري : نبين أمره تبيانا واضحا حتى يعرفوه فلا يخفى عليهم كما لا تخفى السمة على الخراطيم. وقيل : المعنى سنلحق به عارا وسبة حتى يكون كمن وسم على أنفه. قال القتبي : تقول العرب للرجل يسب سبة سوء قبيحة باقية : قد وسم ميسم سوء ؛ أي الصق به عار لا يفارقه ؛ كما أن السمة لا يمحى أثرها. قال جرير :

لما وضعت على الفرزدق ميسمي وعلى البعيث جدعت أنف الأخطل
أراد به الهجاء. قال : وهذا كله نزل في الوليد بن المغيرة. ولا نعلم أن الله تعالى بلغ من ذكر عيوب أحد ما بلغه منه ؛ فألحقه به عارا لا يفارقه في الدنيا والآخرة ؛ كالوسم على الخرطوم. وقيل : هو ما ابتلاه الله به في الدنيا في نفسه وماله وأهله من سوء وذل وصغار ؛ قاله ابن بحر. واستشهد بقول الأعشى :


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
فدعها وما يغنيك وأعمد لغيرها بشعرك وأعلب أنف من أنت واسم