أنك عاقل "بالفتح"، وعلمت إنك لعاقل "بالكسر". فالعامل في ﴿إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ﴾ " تَدْرُسُونَ " في المعنى. ومنعت اللام من فتح "إن". وقيل : تم الكلام عند قوله :" تَدْرُسُونَ " ثم ابتدأ فقال :﴿إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ﴾ أي إن لكم في هذا الكتاب إذا ما تخيرون ؛ أي ليس لكم ذلك. والكناية في "فيه" الأولى والثانية راجعة إلى الكتاب. ثم زاد في التوبيخ فقال :﴿أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ﴾ أي عهود ومواثيق. ﴿عَلَيْنَا بَالِغَةٌ﴾ مؤكدة. والبالغة المؤكدة بالله تعالى. أي أم لكم عهود على الله تعالى استوثقتم بها في أن يدخلكم الجنة. ﴿إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ﴾ كسرت "إن" لدخول اللام في الخبر. وهي من صلة "أيمان"، والموضع النصب ولكن كسرت لأجل اللام ؛ تقول : حلفت إن لك لكذا. وقيل : تم الكلام عند قوله :﴿إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾ ثم قال :﴿إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ ﴾ إذا ؛ أي ليس الأمر كذلك. وقرأ ابن هرمز "أين لكم فيه لما تخيرون" "أين لكم لما تحكمون" ؛ بالاستفهام فيهما جميعا. وقرأ الحسن البصري﴿ بَالِغَةٌ ﴾ بالنصب على الحال ؛ إما من الضمير في "لكم" لأنه خبر عن "أيمان" ففيه ضمير منه. وإما من الضمير في "علينا" إن قدرت "علينا" وصفا للإيمان لا متعلقا بنفس الإيمان ؛ لأن فيه ضميرا منه، كما يكون إذا كان خبرا عنه. ويجوز أن يكون حالا من "إيمان" وإن كانت نكرة، كما أجازوا نصب "حقا" على الحال من "متاع" في قوله تعالى :﴿مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾. وقرأ العامة "بالغة" بالرفع نعت لـ "أيمان".
الآية :[٤٠] ﴿سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ﴾
الآية :[٤١] ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ﴾
قوله تعالى :﴿سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ﴾ أي سل يا محمد هؤلاء المتقولين علي : أيهم كفيل بما تقدم ذكره. وهو أن لهم من الخير ما للمسلمين. والزعيم : الكفيل والضمين ؛ قال ابن عباس وقتادة. وقال ابن كيسان : الزعيم هنا القائم بالحجة والدعوى. وقال الحسن :


الصفحة التالية
Icon