الله ؟ فقال له : أتعرفني ؟ قال نعم، أولك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنت فيما بين ذلك تحمل العذرة. فمضى المهلب وترك مشيته. نظم الكلام محمود الوراق فقال :

عجبت من معجب بصورته وكان في الأصل نطفة مذره
وهو غدا بعد حسن صورته يصير في اللحد جيفة قذره
وهو على تيهه ونخوته ما بين ثوبيه يحمل العذره
وقال آخر :
هل في ابن آدم غير الرأس مكرمة وهو بخمس من الأوساخ مضروب
أنف يسيل وأذن ريحها سَهِك والعين مُرْمَصة والثغر ملهوب
يا ابن التراب ومأكول التراب غدا قصر فإنك مأكول ومشروب
وقيل : معناه من أجل ما يعلمون ؛ وهو الأمر والنهي والثواب والعقاب. كقول الشاعر وهو الأعشى :
أأزمعت من آل ليلى ابتكارا وشطت على ذي هوى أن تزارا
أي من أجل ليلى.
الآية :[٤٠] ﴿فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ﴾
الآية :[٤١] ﴿عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ﴾
قوله تعالى :﴿فَلا أُقْسِمُ﴾ أي أقسم. و"لا" صلة. ﴿بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ﴾ هي مشارق الشمس ومغاربها. وقد مضى الكلام فيها. وقرأ أبو حيوة وابن محيصن وحميد "برب المشرق والمغرب" على التوحيد. ﴿إِنَّا لَقَادِرُونَ. عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ﴾ يقول : نقدر على إهلاكهم والذهاب بهم والمجيء بخير منهم في الفضل والطوع والمال. ﴿وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ﴾ أي لا يفوتنا شيء ولا يعجزنا أمر نريده.


الصفحة التالية
Icon