لعملناه ؛ فلما نزل الجهاد كرهوه. وقال الكلبي : قال المؤمنون يا رسول الله، لو نعلم أحب الأعمال إلى الله لسارعنا إليها ؛ فنزلت ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ فمكثوا زمانا يقولون : لو نعلم ما هي لاشتريناها بالأموال والأنفس والأهلين ؛ فدلهم الله تعالى عليها بقول :﴿تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ﴾ الآية. فابتلوا يوم أحد ففروا ؛ فنزلت تعيرهم بترك الوفاء. وقال محمد بن كعب : لما أخبر الله تعالى نبيه ﷺ بثواب شهداء بدر قالت الصحابة : اللهم أشهد! لئن لقينا قتالا لنفرغن فيه وسعنا ؛ ففروا يوم أحد فعيرهم الله بذلك. وقال قتادة والضحاك : نزلت في قوم كانوا يقولون : نحن جاهدنا وأبلينا ولم يفعلوا. وقال صهيب : كان رجل قد آذى المسلمين يوم بدر وأنكاهم فقتلته. فقال رجل يا نبي الله، إني قتلت فلانا، ففرح النبي ﷺ بذلك. فقال عمر بن الخطاب وعبدالرحمن بن عوف : يا صهيب، أما أخبرت رسول الله ﷺ أنك قتلت فلانا! فإن فلانا انتحل قتله ؛ فأخبره فقال :"أكذلك يا أبا يحيى" ؟ قال نعم، والله يا رسول الله ؛ فنزلت الآية في المنتحل. وقال ابن زيد : نزلت في المنافقين ؛ كانوا يقولون للنبي ﷺ وأصحابه : إن خرجتم وقاتلتم خرجنا معكم وقاتلنا ؛ فلما خرجوا نكصوا عنهم وتخلفوا.
الثانية- هذه الآية توجب على كل من ألزم نفسه عملا فيه طاعة أن يفي بها. وفي صحيح مسلم عن أبي موسى أنه بعث إلى قراء أهل البصرة فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرؤوا القرآن ؛ فقال : أنتم خيار أهل البصرة وقراؤهم، فاتلوه ولا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم. وإنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة بـ "براءة" فأنسيتها ؛ غير أني قد حفظت منها "لو كان لابن آدم واديان من مال لأبتغى واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب". وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدى المسبحات فأنسيتها ؛ غير أني