الذين لا يكتبون. وكذلك كانت قريش. وروى منصور عن إبراهيم قال : الأمي الذي يقرأ ولا يكتب. وقد مضى في "البقرة". ﴿رَسُولاً مِنْهُمْ﴾ يعني محمدا صلى الله عليه وسلم. وما من حي من العرب إلا ولرسول الله ﷺ فيهم قرابة وقد ولدوه. قال ابن إسحاق : إلا حي تغلب ؛ فإن الله تعالى طهر نبيه ﷺ منهم لنصرانيتهم، فلم يجعل لهم عليه ولادة. وكان أميا لم يقرأ من كتاب ولم يتعلم صلى الله عليه وسلم. قال الماوردي : فإن قيل ما وجه الامتنان فإن بعث نبيا أميا ؟ فالجواب عنه من ثلاثة أوجه : أحدها : لموافقته ما تقدمت به بشارة الأنبياء. الثاني : لمشاكلة حال لأحوالهم، فيكون أقرب إلى موافقتهم. الثالث : لينتفي عنه سوء الظن في تعليمه ما دعا إليه من الكتب التي قرأها والحكم التي تلاها.
قلت : وهذا كله دليل معجزته وصدق نبوته.
قوله تعالى :﴿يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ﴾ يعني القرآن ﴿وَيُزَكِّيهِمْ﴾ أي يجعلهم أزكياء القلوب بالإيمان ؛ قاله ابن عباس. وقيل : يطهرهم من دنس الكفر والذنوب ؛ قاله ابن جريج ومقاتل. وقال السدي : يأخذ زكاة أموالهم ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ﴾ يعني القرآن ﴿وَالْحِكْمَةَ﴾ السنة ؛ قال الحسن. وقال ابن عباس :"الكتاب" الخط بالقلم ؛ لأن الخط فشا في العرب بالشرع لما أمروا بتقييده بالخط. وقال مالك بن أنس :"الحكمة" الفقه في الدين. وقد مضى القول في هذا في "البقرة". ﴿وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ﴾ أي من قبله وقبل أن يرسل إليهم. ﴿لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ أي في ذهاب عن الحق.
الآية :[٣] ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾
قوله تعالى :﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ﴾ هو عطف على " الأُمِّيِّينَ " أي بعث في الأميين وبعث في آخرين منهم. ويجوز أن يكون منصوبا بالعطف على الهاء والميم في ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ وَيُزَكِّيهِمْ﴾ ؛