قال رسول الله ﷺ :"يتجلى ربنا عز وجل حتى ينظروا إلى وجهه، فيخرون له سجدا، فيقول ارفعوا رؤوسكم فليس هذا بيوم عبادة"
قال الثعلبي : وقول مجاهد إنها بمعنى تنتظر الثواب من ربها ولا يراه شيء من خلقه، فتأويل مدخول، لأن العرب إذا أرادت بالنظر الانتظار قالوا نظرته ؛ كما قال تعالى :﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ﴾، ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ﴾، و ﴿مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً﴾ وإذا أرادت به التفكر والتدبر قالوا : نظرت فيه، فأما إذا كان النظر مقرونا بذكر إلى، وذكر الوجه فلا يكون إلا بمعنى الرؤية والعيان. وقال الأزهري : إن قول مجاهد تنتظر ثواب ربها خطأ ؛ لأنه لا يقال نظر إلى كذا بمعنى الانتظار، وإن قول القائل : نظرت إلى فلان ليس إلا رؤية عين، كذلك تقوله العرب ؛ لأنهم يقولون نظرت إليه : إذا أرادوا نظر العين، فإذا أرادوا الانتظار قالوا نظرته ؛ قال :

فإنكما إن تنظراني ساعة من الدهر تنفعني لدى أم جندب
لما أراد الانتظار قال تنظراني، ولم يقل تنظران إلي ؛ وإذا أرادوا نظر العين قالوا : نظرت إليه ؛ قال :
نظرت إليها والنجوم كأنها مصابيح رهبان تشب لقفال
وقال آخر :
نظرت إليها بالمحصب من منى ولي نظر لولا التحرج عارم
وقال آخر :
إني إليك لما وعدت لناظر نظر الفقير إلى الغني الموسر
أي إني أنظر إليك بذل ؛ لأن نظر الذل والخضوع أرق لقلب المسؤول ؛ فأما ما استدلوا به من قوله تعالى :﴿لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ﴾ فإنما ذلك


الصفحة التالية
Icon