﴿فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفاً﴾ الرياح بغير اختلاف ؛ قال المهدوي. وعن ابن مسعود : هي الرياح العواصف تأتي بالعصف، وهو ورق الزرع وحطامه ؛ كما قال تعالى :﴿فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً﴾. وقيل : العاصفات الملائكة الموكلون بالرياح يعصفون بها. وقيل : الملائكة تعصف بروح الكافر ؛ يقال : عصف بالشيء أي أباده وأهلكه، وناقة عصوف أي تعصف براكبها، فتمضى كأنها ريح في السرعة، وعصفت الحرب بالقوم أي ذهبت بهم. وقيل : يحتمل أنها الآيات المهلكة كالزلازل والخسوف. ﴿وَالنَّاشِرَاتِ نَشْراً﴾ الملائكة الموكلون بالسحب ينشرونها. وقال ابن مسعود ومجاهد : هي الرياح يرسلها الله تعالى نشرا بين يدي رحمته ؛ أي تنشر السحاب للغيث.
وروي ذلك عن أبي صالح. وعنه أيضا : الأمطار ؛ لأنها تنشر النبات، فالنشر بمعنى الإحياء ؛ يقال : نشر الله الميت وأنشره أي أحياه. وروى عنه السدي : أنها الملائكة تنشر كتب الله عز وجل. وروى الضحاك عن ابن عباس قال : يريد ما ينشر من الكتب وأعمال بني آدم. الضحاك : إنها الصحف تنشر على الله بأعمال العباد.
وقال الربيع : إنه البعث للقيامة تنشر فيه الأرواح. قال :"والناشرات" بالواو ؛ لأنه استئناف قسم آخر. ﴿فَالْفَارِقَاتِ فَرْقاً﴾ الملائكة تنزل بالفرق بين الحق والباطل ؛ قال ابن عباس ومجاهد والضحاك وأبو صالح. وروى الضحاك عن ابن عباس قال : ما تفرق الملائكة من الأقوات والأرزاق والآجال. وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : الفارقات الرياح تفرق بين السحاب وتبدده. وعن سعيد عن قتادة قال :﴿فَالْفَارِقَاتِ فَرْقاً﴾ الفرقان، فرق الله فيه بين الحق والباطل والحرام والحلال. وقال الحسن وابن كيسان. وقيل : يعني الرسل فرقوا بين ما أمر الله به ونهى عنه أي بينوا ذلك.
وقيل : السحابات الماطرة تشبيها بالناقة الفارق وهي الحامل التي تخرج وتند في الأرض حين تضع، ونوق


الصفحة التالية
Icon