ثم بين وقت وقوعه فقال :﴿فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ﴾ أي ذهب ضوؤها ومحي نورها كطمس الكتاب ؛ يقال : طمس الشيء إذا درس وطمس فهو مطموس، والريح تطمس الآثار فتكون الريح طامسة والأثر طامسا بمعنى مطموس. ﴿وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ﴾ أي فتحت وشقت ؛ ومنه قوله تعالى :﴿وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً﴾ وروى الضحاك عن ابن عباس قال : فرجت للطي. ﴿وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ﴾ أي ذهب بها كلها بسرعة ؛ يقال : نسفت الشيء وأنسفته : إذا أخذته كله بسرعة. وكان ابن عباس والكلبي يقول : سويت بالأرض، والعرب تقول : فرس نسوف إذا كان يؤخر الحزام بمرفقيه ؛ قال بشر :
نسوف للحزام بمرفقيها
ونسفت الناقة الكلأ : إذا رعته. وقال المبرد : نسفت قلعت من موضعها ؛ يقول الرجل للرجل يقتلع رجليه من الأرض : أنسفت رجلاه. وقيل : النسف تفريق الأجزاء حتى تذروها للرياح. ومنه نسف الطعام ؛ لأنه يحرك حتى يذهب الريح بعض ما فيه من التبن. ﴿وإذا الرسل أقتت﴾ أي جمعت لوقتها ليوم القيامة، والوقت الأجل الذي يكون عنده الشيء المؤخر إليه ؛ فالمعنى : جعل لها وقت وأجل للفصل والقضاء بينهم وبين الأمم ؛ كما قال تعالى :﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ﴾. وقيل : هذا في الدنيا أي جمعت الرسل لميقاتها الذي ضرب لها في إنزال العذاب بمن كذبهم بأن الكفار ممهلون. وإنما تزول الشكوك يوم القيامة. والأول أحسن ؛ لأن التوقيت معناه شيء يقع يوم القيامة، كالطمس ونسف الجبال وتشقيق السماء ولا يليق به. التأقيت قبل يوم القيامة. قال أبو علي : أي جعل يوم الدين والفصل لها وقتا. وقيل : أقتت وعدت وأجلت. وقيل :"أقتت" أي أرسلت لأوقات معلومة على ما علمه الله وأراد. والهمزة في "أقتت" بدل من الواو ؛ قال الفراء والزجاج. قال الفراء : وكل واو ضمت وكانت ضمتها لازمة جاز أن يبدل منها همزة ؛ تقول : صلى القوم إحدانا تريد وحدانا، ويقولون هذه وجوه حسان و[أجوه].