يوم القيامة بحال لو كان للرجل ناقة عشراء لعطلها واشتغل بنفسه. وقيل : إنهم إذا قاموا من قبورهم، وشاهد بعضهم بعضا، ورأوا الوحوش والدواب محشورة، وفيها عشارهم التي كانت أنفس أموالهم، لم يعبؤوا بها، ولم يهمهم أمرها. وخوطبت العرب بأمر العشار ؛ لأن مالها وعيشها أكثره من الإبل. وروى الضحاك عن ابن عباس : عطلت : عطلها أهلها، لاشتغالهم بأنفسهم. وقال الأعشى :
هو الواهب المائة المصطفا | ة إما مخاضا وإما عشارا |
وقال آخر :ترى المرء مهجورا إذا قل ماله | وبيت الغني يهدي له ويزار |
وما ينفع الزوار مال مزورهم | إذا سرحت شول له وعشار |
يقال : ناقة عشراء، وناقتان عشراوان، نوق عشار وعشراوات، يبدلون من همزة التأنيث واوا. وقد عشرت الناقة تعشبوا : أي صارت عشراء. وقيل : العشار : السحاب يعطل مما يكون فيه وهو الماء فلا يمطر ؛ والعرب تشبه السحاب بالحامل. وقيل : الديار تعطل فلا تسكن. وقيل : الأرض التي يعشر زرعها تعطل فلا تزرع. والأول أشهر، وعليه من الناس الأكثر.
﴿وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ﴾ أي جمعت والحشر : الجمع. عن الحسن وقتادة وغيرهما. وقال ابن عباس : حشرها : موتها. رواه عنه عكرمة. وحشر كل شيء : الموت غير الجن والإنس، فإنهما يوافيان يوم القيامة. وعن ابن عباس أيضا قال : يحشر كل شيء حتى الذباب. قال ابن عباس : تحشر الوحوش غدا : أي تجمع حتى يقتص لبعضها من بعض، فيقتص للجماء من القرناء، ثم يقال لها كوني ترابا فتموت. وهذا أصح مما رواه عنه عكرمة، وقد بيناه في كتاب "التذكرة" مستوفى، ومضى في سورة "الأنعام" بعضه. أي إن الوحوش إذا كانت هذه حالها فكيف ببني آدم. وقيل : عني بهذا أنها مع نفرتها اليوم من الناس وتنددها