عليه السلام رأى ربه عز وجل بالأفق المبين. وهو معنى قول ابن مسعود. وقد مضى القول في هذا في "والنجم" مستوفى، فتأمله هناك. وفي"المبين" قولان : أحدهما- أنه صفة الأفق ؛ قال الربيع. الثاني- أنه صفة لمن رآه ؛ قاله مجاهد. "وما هو على الغيب بظنين" : بالظاء، قراءة ابن كثير وأبي عمرو والكسائي، أي بمتهم، والظنة التهمة ؛ قال الشاعر :

أما وكتاب الله لا عن سناءة هجرت ولكن الظنين ظنين
واختاره أبو عبيد ؛ لأنهم لم يبخلوه ولكن كذبوه ؛ ولأن الأكثر من كلام العرب : ما هو بكذا، ولا يقولون : ما هو على كذا، إنما يقولون : ما أنت على هذا بمتهم. وقرأ الباقون "بضنين" بالضاد : أي ببخيل من ضننت بالشيء أضن ضنا [فهو] ضنين. فروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : لا يضن عليكم بما يعلم، بل يعلم الخلق كلام الله وأحكامه. وقال الشاعر :
أجود بمكنون الحديث وإنني بسرك عمن سالني لضنين
والغيب : القرآن وخبر السماء. ثم هذا صفة محمد عليه السلام. وقيل : صفة جبريل عليه السلام. وقيل : بظنين : بضعيف. حكاه الفراء والمبرد ؛ يقال : رجل ظنين : أي ضعيف. وبئر ظنون : إذا كانت قليلة الماء ؛ قال الأعشى :
ما جعل الجد الظنون الذي جنب صوب اللجب الماطر
مثل الفراتي إذا ما طما يقذف بالبوصي والماهر
والظنون : الدين الذي لا يدري أيقضيه آخذه أم لا ؟ ومنه حديث علي عليه السلام في الرجل يكون له الدين الظنون، قال : يزكيه لما مضى إذا قبضه إن كان صادقا. والظنون : الرجل السيء الخلق ؛ فهو لفظ مشترك. ﴿وَمَا هُوَ﴾ يعني القرآن ﴿بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ﴾ أي مرجوم ملعون، كما قالت قريش. قال عطاء : يريد بالشيطان الأبيض الذي كان


الصفحة التالية
Icon