يوم القيامة بين يديه، فقال لك :﴿مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ ؟ ماذا كنت تقول ؟ قال : كنت أقول غرني ستورك المرخاة، لأن الكريم هو الستار. نظمه ابن السماك فقال :
يا كاتم الذنب أما تستحي... والله في الخلوة ثانيكا
غرك من ربك إمهاله... وستره طول مساويكا
وقال ذو النون المصري : كم من مغرور تحت الستر وهو لا يشعر.
وأنشد أبو بكر بن طاهر الأبهري :
يا من غلا في العجب والتيه... وغره طول تماديه
أملى لك الله فبارزته... ولم تخف غب معاصيه
وروي عن علي رضي الله عنه أنه صاح بغلام له مرات فلم يلبه فنظر فإذا هو بالباب، فقال : مالك لم تجبني ؟ فقال. لثقتي بحلمك، وأمني من عقوبتك. فاستحسن جوابه فأعتقه. وناس يقولون : ما غرك : ما خدعك وسول لك حتى أضعت ما وجب عليك ؟ وقال ابن مسعود : ما منكم من أحد إلا وسيخلو الله به يوم القيامة، فيقول له : يا ابن آدم ماذا غرك بي ؟ يا ابن آدم ماذا عملت فيما علمت ؟ يا ابن آدم ماذا أجبت المرسلين ؟ ﴿الَّذِي خَلَقَكَ﴾ أي قدر خلقك من نطفة ﴿فَسَوَّاكَ﴾ في بطن أمك، وجعل لك يدين ورجلين وعينين وسائر أعضائك ﴿فَعَدَلَكَ﴾ أي جعلك معتدلا سوى الخلق ؛ كما يقال : هذا شيء معدل. وهذه قراءة العامة وهي اختيار أبي عبيد وأبي حاتم ؛ قال الفراء : وأبو عبيد : يدل عليه قوله تعالى :﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾. وقرأ الكوفيون : عاصم وحمزة والكسائي :"فعدلك" مخففا أي : أمالك وصرفك إلى أي صورة شاء، إما حسنا وإما قبيحا، وإما طويلا وإما قصيرا. وقال [موسى بن علي بن أبي رباح اللخمي عن أبيه عن جده] قال : قال لي النبي ﷺ "إن النطفة