الثانية- وعن عبدالملك بن مروان : أن أعرابيا قال لي : قد سمعت ما قال الله تعالى في المطففين ؛ أراد بذلك أن المطففين قد توجه عليهم هذا الوعيد العظيم الذي سمعت به، فما ظنك بنفسك وأنت تأخذ أموال المسلمين بلا كيل ولا وزن. وفي هذا الإنكار والتعجيب وكلمة الظن، ووصف اليوم بالعظيم، وقيام الناس فيه لله خاضعين، ووصف ذاته برب العالمين، بيان بليغ لعظم الذنب، وتفاقم الإثم في التطفيف، وفيما كان في مثل حاله من الحيف، وترك القيام بالقسط، والعمل على التسوية والعدل، في كل أخذ وإعطاء، بل في كل قول وعمل.
الثالثة- قرأ ابن عمر :﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾ حتى بلغ ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ فبكى حتى سقط، وامتنع من قراءة ما بعده، ثم قال : سمعت النبي ﷺ يقول "يوم يقوم الناس لرب العالمين، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، فمنهم من يبلغ العرق كعبيه، ومنهم من يبلغ ركبتيه، ومنهم من يبلغ حقويه، ومنهم من يبلغ صدره، ومنهم من يبلغ أذنيه، حتى إن أحدهم ليغيب في رشحه كما يغيب الضفدع". وروى ناس عن ابن عباس قال : يقومون مقدار ثلثمائة سنة. قال : ويهون على المؤمنين قدر صلاتهم الفريضة. وروي عن عبدالله بن عمر عن النبي ﷺ قال :"يقومون ألف عام في الظلة". وروى مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي ﷺ قال :"يوم يقوم الناس لرب العالمين حتى إن أحدهم ليقوم في رشحه إلى أنصاف أذنيه". وعنه أيضا عن النبي ﷺ :"يقوم مائة سنة". وقال أبو هريرة قال النبي ﷺ لبشير الغفاري :"كيف أنت صانع في يوم يقوم الناس فيه مقدار ثلثمائة سنة لرب العالمين، لا يأتيهم فيه خبر، ولا يؤمر فيه بأمر" قال بشير : المستعان الله.
قلت : قد ذكرناه مرفوعا من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي ﷺ :"إنه ليخفف عن المؤمن، حتى يكون أخف عليه من صلاة المكتوبة يصليها في الدنيا" في "سأل سائل". وعن ابن عباس : يهون على المؤمنين قدر صلاتهم الفريضة. وقيل :