وقال أبو معاذ النحوي : الرين : أن يسود القلب من الذنوب، والطبع أن يطبع على القلب، وهذا أشد من الرين، والإقفال أشد من الطبع. الزجاج : الرين : هو كالصدأ يغشي القلب كالغيم الرقيق، ومثله الغين، يقال : غين على قلبه : غطي. والغين : شجر ملتف، الواحدة غيناء، أي خضراء، كثيرة الورق، ملتفة الأغصان. وقد تقدم قول الفراء أنه إحاطة الذنب بالقلوب. وذكر الثعلبي عن ابن عباس :﴿رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ : أي غطى عليها. وهذا هو الصحيح عنه إن شاء الله. وقرأ حمزة والكسائي والأعمش وأبو بكر والمفضل "ران" بالإمالة ؛ لأن فاء الفعل الراء، وعينه الألف منقلبة من ياء، فحسنت الإمالة لذلك. ومن فتح فعلى الأصل ؛ لأن باب فاء الفعل في (فعل) الفتح، مثل كال وباع ونحوه. واختاره أبو عبيد وأبو حاتم ووقف حفص "بل" ثم يبتدئ "ران" وقفا يبين اللام، لا للسكت.
قوله تعالى :﴿كَلَّا إِنَّهُمْ﴾ أي حقا"إنهم" يعني الكفار ﴿عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ﴾ أي يوم القيامة ﴿لَمَحْجُوبُونَ﴾ وقيل :"كلا" ردع وزجر، أي ليس كما يقولون، بل ﴿ِإنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾. قال الزجاج : في هذه الآية دليل على أن الله عز وجل يرى في القيامة، ولولا ذلك ما كان في هذه الآية فائدة، ولا خست منزلة الكفار بأنهم يحجبون. وقال جل ثناؤه :﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، لَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ فأعلم الله جل ثناؤه أن المؤمنين ينظرون إليه، وأعلم أن الكفار محجوبون عنه، وقال مالك بن أنس في هذه الآية : لما حجب أعداءه فلم يروه تجلى لأوليائه حتى رأوه. وقال الشافعي : لما حجب قوما بالسخط، دل على أن قوما يرونه بالرضا. ثم قال : أما والله لو لم يوقن محمد بن إدريس أنه يرى ربه في المعاد لما عبده في الدنيا. وقال الحسين بن الفضل : لما حجبهم في الدنيا عن نور توحيده حجبهم في الآخرة عن رؤيته. وقال مجاهد في قوله تعالى :﴿لَمَحْجُوبُونَ﴾ : أي عن كرامته ورحمته ممنوعون. وقال قتادة : هو أن الله لا ينظر إليهم برحمته، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم. وعلى الأول الجمهور، وأنهم محجوبون عن رؤيته فلا يرونه. ﴿ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ﴾ أي


الصفحة التالية
Icon