المستطيل في الأرض كالخندق، وجمعه أخاديد. ومنه الخد لمجاري الدموع، والمخدة ؛ لأن الخد يوضع عليها. ويقال : تخدد وجه الرجل : إذا صارت فيه أخاديد من جراح. قال طرفة :
ووجه كأن الشمس حلت رداءها
عليه نقي اللون لم يتخدد
﴿النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ﴾ "النار" بدل من "الأخدود" بدل الاشتمال. و"الوقود" بفتح الواو قراءة العامة وهو الحطب. وقرأ قتادة وأبو رجاء ونصر بن عاصم (بضم الواو) على المصدر ؛ أي ذات الاتقاد والالتهاب. وقيل : ذات الوقود بأبدان الناس. وقرأ أشهب العقيلي وأبو السمال العدوي وابن السميقع "النار ذات" بالرفع فيهما ؛ أي أحرقتهم النار ذات الوقود.
قوله تعالى :﴿إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ ﴾ أي الذين خددوا الأخاديد وقعدوا عليها يلقون فيها المؤمنين، وكانوا بنجران في الفترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم. وقد اختلفت الرواة في حديثهم. والمعنى متقارب. ففي صحيح مسلم عن صهيب : أن رسول الله ﷺ قال :"كان ملك فيمن كان قبلكم، وكان له ساحر ؛ فلما كبر قال للملك : إني قد كبرت فابعث إلى غلاما أعلمه السحر ؛ فبعث إليه غلاما يعلمه ؛ فكان في طريقه إذا سلك، راهب، فقعد إليه وسمع كلامه، فاعجبه ؛ فكان إذا أتى الساحر مر بالراهب وقعد إليه ؛ فإذا أتى الساحر ضربه ؛ فشكا ذلك إلى الراهب، فقال : إذا خشيت الساحر فقل : حبسني أهلي. وإذا خشيت أهلك فقل : حبسني الساحر. فبينما هو كذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس، فقال : اليوم أعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل ؟ فأخذ حجرا فقال : اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة، حتى يمضى الناس ؛ فرماها فقتلها ومضى الناس. فأتى الراهب فأخبره فقال له الراهب : أي بني ؟ أنت اليوم أفضل مني، قد بلغ من أمرك ما أرى، وإنك ستبتلي ؛ فإن أبتليت فلا تدل علي. وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص، ويداوي الناس من سائر الأدواء. فسمع جليس للملك كان قد عمي، فأتاه بهدايا كثيرة فقال : ما ها هنا لك أجمع إن أنت شفيتني. فقال : إني لا أشفي أحدا، إنما