وذو رعين : ملك من ملوك حمير. ورعين حصن له وهو من ولد الحرث بن عمرو بن حمير بن سبأ.
مسألة : قال علماؤنا : أعلم الله عز وجل المؤمنين من هذه الأمة في هذه الآية، ما كان يلقاه من وحد قبلهم من الشدائد، يؤنسهم بذلك. وذكر لهم النبي ﷺ قصة الغلام ليصبروا على ما يلاقون من الأذى والآلام، والمشقات التي كانوا عليها، ليتأسوا بمثل هذا الغلام، في صبره وتصلبه في الحق وتمسكه به، وبذله نفسه في حق إظهار دعوته، ودخول الناس في الدين مع صغر سنه وعظم صبره. وكذلك الراهب صبر على التمسك بالحق حتى نشر بالمنشار. وكذلك كثير من الناس لما آمنوا بالله تعالى ورسخ الإيمان في قلوبهم، صبروا على الطرح في النار ولم يرجعوا في دينهم. ابن العربي : وهذا منسوخ عندنا، حسب ما تقدم بيانه في سورة "النحل".
قلت : ليس بمنسوخ عندنا، وأن الصبر على ذلك لمن قويت نفسه وصلب دينه أولى، قال الله تعالى مخبرا عن لقمان :﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ : وروى أبو سعيد الخدري أن النبي ﷺ قال :"إن من أعظم الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر" : خرجه الترمذي وقال : حديث حسن غريب، وروى ابن سنجر (محمد بن سنجر) عن أميمة مولاة النبي ﷺ قالت : كنت أوضئ النبي ﷺ، فأتاه رجل، قال : أوصني فقال :"لا تشرك بالله شيئا وأن قطعت أو حرقت بالنار.." الحديث قال علماؤنا : ولقد امتحن كثير من أصحاب النبي ﷺ بالقتل والصلب والتعذيب الشديد، فصبروا ولم يلتفتوا إلى شيء من ذلك ويكفيك قصة عاصم وخبيب وأصحابهما وما لقوا من الحروب والمحن والقتل والأسر والحرق، وغير ذلك، وقد مضى في "النحل" أن هذا إجماع ممن قوي في ذلك، فتأمله هناك.


الصفحة التالية
Icon