لك ؛ كدأب من قبلهم. وإنما خص فرعون وثمود ؛ لأن ثمود في بلاد العرب وقصتهم عندهم مشهورة وإن كانوا من المتقدمين، وأمر فرعون كان مشهورا عند أهل الكتاب وغيرهم، وكان من المتأخرين في الهلاك ؛ فدل بهما على أمثالهما في الهلاك. والله أعلم.
٢٠- ﴿وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ﴾
٢١- ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ﴾
٢٢- ﴿فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾
قوله تعالى :﴿وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ﴾ أي يقدر على أن ينزل بهم ما أنزل بفرعون. والمحاط به كالمحصور. وقيل : أي والله عالم بهم فهو يجازيهم. ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ﴾ أي متناه في الشرف والكرم والبركة، وهو بيان ما بالناس الحاجة إليه من أحكام الدين والدنيا، لا كما زعم المشركون. وقيل "مجيد" : أي غير مخلوق. ﴿فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾ أي مكتوب في لوح. وهو محفوظ عند الله تعالى من وصول الشياطين إليه. وقيل : هو أم الكتاب ؛ ومنه انتسخ القرآن والكتب. وروى الضحاك عن ابن عباس قال :"اللوح من ياقوتة حمراء، أعلاه معقود بالعرش وأسفله في حجر ملك يقال له ماطريون، كتابه نور، وقلمه نور، ينظر الله عز وجل فيه كل يوم ثلثمائة وستين نظره ؛ ليس منها نظرة إلا وهو يفعل ما يشاء ؛ يرفع وضيعا، ويضع رفيعا، ويغني فقيرا، ويفقر غنيا ؛ يحيي ويميت، ويفعل ما يشاء ؛ لا إله إلا هو". وقال أنس بن مالك ومجاهد، إن اللوح المحفوظ الذي ذكره الله تعالى في جبهة إسرافيل. وقال مقاتل : اللوح المحفوظ عن يمين العرش. وقيل : اللوح المحفوظ الذي فيه أصناف الخلق والخليقة، وبيان أمورهم، وهو أم الكتاب. وقال ابن عباس : أول شيء كتبه الله تعالى في اللوح المحفوظ "إني أنا الله لا إله إلا أنا، محمد رسولي، من استسلم لقضائي، وصبر على بلائي، وشكر نعمائي، كتبته صديقا وبعثته مع الصديقين، ومن لم يستسلم لقضائي


الصفحة التالية
Icon