لا يدخلونها وإن صرفوا عن النار. حكاه الماوردي. وقد مضى في سورة "الرحمن" عند قوله تعالى :﴿لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ﴾ بيان أنهم يدخلونها.
الخامسة : قال البيهقي في روايته : وسألوه الزاد وكانوا من جن الجزيرة فقال :"لكم كل عظم" دليل على أنهم يأكلون ويطعمون. وقد أنكر جماعة من كفرة الأطباء والفلاسفة الجن، وقالوا : إنهم بسائط، ولا يصح طعامهم ؛ اجتراء على الله وافتراء، والقرآن والسنة ترد عليهم، وليس في المخلوقات بسيط مركب مزدوج، إنما الواحد الواحد سبحانه، وغيره مركب وليس بواحد كيفما تصرف حاله. وليس يمتنع أن يراهم النبي ﷺ في صورهم كما يرى الملائكة. وأكثر ما يتصورون لنا في صور الحيات ؛ ففي الموطأ : أن رجلا حديث عهد بعرس استأذن رسول الله ﷺ بأنصاف النهار أن يرجع إلى أهله... الحديث، وفيه : فإذا حية عظيمة منطوية على الفراش، فأهوى إليها بالرمح فانتظمها. وذكر الحديث. وفي الصحيح أنه عليه السلام قال :"إن لهذه البيوت عوامر، فإذا رأيتم منها شيئا فحرجوا عليها ثلاثا، فإن ذهب وإلا فاقتلوه فإنه كافر". وقال :"اذهبوا فادفنوا صاحبكم" وقد مضى هذا المعنى في سورة "البقرة" وبيان التحريج عليهن. وقد ذهب قوم إلى أن ذلك مخصوص بالمدينة ؛ لقوله في الصحيح :"إن بالمدينة جنا قد أسلموا". وهذا لفظ مختص بها فيختص بحكمها. قلنا : هذا يدل على أن غيرها من البيوت مثلها ؛ لأنه لم يعلل بحرمة المدينة، فيكون ذلك الحكم مخصوصا بها، وإنما علل بالإسلام، وذلك عام في غيرها، ألا ترى قوله في الحديث مخبرا عن الجن الذي لقي :"وكانوا من جن الجزيرة" ؛ وهذا بين يعضده قوله :"ونهى عن عوامر البيوت" وهذا عام. وقد مضى في سورة (البقرة) القول في هذا فلا معنى للإعادة.