وقال السدي : أي وكنا نكذب مع المكذبين. وقال قتادة : كلما غوى غاو غوينا معه. وقيل معناه : وكنا أتباعا ولم نكن متبوعين. ﴿وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾ أي لم نك نصدق بيوم القيامة، يوم الجزاء والحكم. ﴿حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ﴾ أي جاءنا ونزل بنا الموت ؛ ومنه قوله تعالى :﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾.
قوله تعالى :﴿فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾ هذا دليل على صحة الشفاعة للمذنبين ؛ وذلك أن قوما من أهل التوحيد عذبوا بذنوبهم، ثم شفع فيهم، فرحمهم الله بتوحيدهم والشفاعة، فأخرجوا من النار، وليس للكفار شفيع يشفع فيهم.
وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه : يشفع نبيكم ﷺ رابع أربعة : جبريل، ثم إبراهيم، ثم موسى أو عيسى، ثم نبيكم ﷺ، ثم الملائكة، ثم النبيون، ثم الصديقون، ثم الشهداء، ويبقى قوم في جهنم، فيقال لهم :﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالوا لم نك من المصلين. وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ﴾ إلى قوله :﴿فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾ قال عبدالله بن مسعود : فهؤلاء هم الذين يبقون في جهنم ؛ وقد ذكرنا إسناده في كتاب (التذكرة).
٤٩- ﴿فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ﴾.
٥٠- ﴿كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ﴾.
٥١- ﴿فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ﴾.
٥٢- ﴿بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفاً مُنَشَّرَةً﴾.
٥٣- ﴿كَلَّا بَلْ لا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ﴾.
قوله تعالى :﴿فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ﴾ أي فما لأهل مكة أعرضوا وولوا عما جئتم به. وفي تفسير مقاتل : الإعراض عن القرآن من وجهين : أحدهما الجحود والإنكار، والوجه الآخر ترك العمل بما فيه. و"معرضين" نصب على الحال من الهاء والميم في "لهم" وفي اللام معنى الفعل ؛ فانتصاب الحال على معنى الفعل. ﴿كَأَنَّهُمْ﴾ أي كأن هؤلاء الكفار في فرارهم من محمد ﷺ ﴿حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ﴾ قال ابن عباس : أراد الحمر الوحشية.


الصفحة التالية
Icon