المحرمات أي أحوج إليها، فهو افتعل من الضرورة. وقرأ ابن محيصن "فمن اطّر" بإدغام الضاد في الطاء. وأبو السمال "فمن اضطر" بكسر الطاء. وأصله اضطرر فلما أدغمت نقلت حركة الراء إلى الطاء
الثانية والعشرون : الاضطرار لا يخلو أن يكون بإكراه من ظالم أو بجوع في مخمصة. والذي عليه الجمهور من الفقهاء والعلماء في معنى الآية هو من صيره العدم والغرث وهو الجوع إلى ذلك، وهو الصحيح. وقيل : معناه أكره وغلب على أكل هذه المحرمات. قال مجاهد : يعني أكره عليه كالرجل يأخذه العدو فيكرهونه على أكل لحم الخنزير وغيره من معصية اللّه تعالى، إلا أن الإكراه يبيح ذلك إلى آخر الإكراه.
وأما المخمصة فلا يخلو أن تكون دائمة أو لا، فإن كانت دائمة فلا خلاف في جواز الشبع من الميتة، إلا أنه لا يحل له أكلها وهو يجد مال مسلم لا يخاف فيه قطعا، كالتمر المعلق وحريسة الجبل، ونحو ذلك مما لا قطع فيه ولا أذى. وهذا مما لا اختلاف فيه، لحديث أبي هريرة رضي اللّه عنه قال : بينما نحن مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في سفر إذ رأينا إبلا مصرورة بعضاه الشجر فثبنا إليها فنادانا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فرجعنا إليه فقال :"إن هذه الإبل لأهل بيت من المسلمين هو قوتهم ويمنهم بعد اللّه أيسركم لو رجعتم إلى مزاودكم فوجدتم ما فيها قد ذهب به أترون ذلك عدلا" قالوا لا، فقال :"إن هذه كذلك". قلنا : أفرأيت إن احتجنا إلى الطعام والشراب ؟ فقال :"كل ولا تحمل واشرب ولا تحمل". خرجه ابن ماجة رحمه اللّه، وقال : هذا الأصل عندي. وذكره ابن المنذر قال : قلنا يا رسول اللّه، ما يحل لأحدنا من مال أخيه إذا اضطر إليه ؟ قال :"يأكل ولا يحمل ويشرب ولا يحمل". قال ابن المنذر : وكل مختلف فيه بعد ذلك فمردود إلى تحريم اللّه الأموال. قال أبو عمر : وجملة القول في ذلك أن المسلم إذا تعين عليه رد رمق مهجة المسلم، وتوجه