الآخر بمنقاره فيه فغسله". وفي حديث آخر قال :"جاءني ملك فشق عن قلبي، فاستخرج منه عذرة، وقال : قلبك وكيع، وعيناك بصيرتان، وأذناك سميعتان، أنت محمد رسول اللّه، لسانك صادق، ونفسك مطمئنة، وخلقك قثم، وأنت قيم". قال أهل اللغة : قوله [وكيع] أي يحفظ ما يوضع فيه. يقال : سقاء وكيع ؛ أي قوي يحفظ ما يوضع فيه. واستوكعت معدته، أي قويت وقوله :[قثم] أي جامع. يقال : رجل قثوم للخير ؛ أي جامع له. ومعنى ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ﴾ قد شرحنا ؛ الدليل ؛ على ذلك قوله في النسق عليه :﴿وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾، فهذا عطف على التأويل، لا على التنزيل ؛ لأنه لو كان على التنزيل لقال : ونضع عنك وزرك. فدل هذا على أن معنى ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ﴾ : قد شرحنا. و﴿لم﴾ جحد، وفي الاستفهام طرف من الجحد، وإذا وقع جحد، رجع إلى التحقيق ؛ كقوله تعالى :﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾. ومعناه : اللّه أحكم الحاكمين. وكذا ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾. ومثله قول جرير يمدح عبدالملك بن مروان :
ألستم خير من ركب المطايا | وأندى العالمين بطون راح |
٢- ﴿وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾
٣- ﴿الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾
قوله تعالى :﴿وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾ أي حططنا عنك ذنبك. وقرأ أنس ﴿وحللنا، وحططنا﴾. وقرأ ابن مسعود :﴿وحللنا عنك وقرك﴾. هذه الآية مثل قوله تعالى :﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾. قيل : الجميع كان قبل النبوة. والوزر : الذنب ؛ أي وضعنا عنك ما كنت فيه من أمر الجاهلية ؛ لأنه كان صلى اللّه عليه وسلم في كثير من مذاهب قومه، وإن لم يكن عبد صنما ولا وثنا. قال قتادة والحسن والضحاك : كانت للنبي صلى اللّه عليه وسلم ذنوب أثقلته ؛ فغفرها اللّه له ﴿الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾ أي أثقله حتى سمع