في الموضعين هشام. وكذلك رواه الكسائي عن أبي بكر وأبي حيوة والمغيرة. واختلس يعقوب والزهري والجحدري وشيبة. وأشبع الباقون. وقيل ﴿يَرَهُ﴾ أي يرى جزاءه ؛ لأن ما عمله قد مضى وعدم فلا يرى. وأنشدوا :
إن من يعتدي ويكسب إثما | وزن مثقال ذرة سيراه |
ويجازى بفعله الشر شرا | وبفعل الجميل أيضا جزاه |
هكذا قوله تبارك ربي | في إذا زلزلت وجل ثناه |
قال ابن مسعود : هذه أحكم آية في القرآن ؛ وصدق. وقد اتفق العلماء على عموم هذه الآية ؛ القائلون بالعموم ومن لم يقل به. وروى كعب الأحبار أنه فال : لقد أنزل الله على محمد آيتين أحصتا ما في التوراة والإنجيل والزبور والصحف :
﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ﴾. قال الشيخ أبو مدين في قوله تعالى :
﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ﴾ قال : في الحال قبل المآل. وكان النبي ﷺ يسمى هذه الآية الآية الجامعة الفاذة ؛ كما في الصحيح لما سئل عن الحمر وسكت عن البغال، والجواب فيهما واحد ؛ لأن البغل والحمار لا كر فيهما ولا فر ؛ فلما ذكر النبي ﷺ ما في الخيل من الأجر الدائم، والثواب المستمر، سأل السائل عن الحمر، لأنهم لم يكن عندهم يومئذ بغل، ولا دخل الحجاز منها إلا بغلة النبي ﷺ "الدلدل"، التي أهداها له المقوقس، فأفتاه في الحمير بعموم الآية، وإن في الحمار مثاقيل ذر كثيرة ؛ قاله ابن العربي. وفي الموطأ : أن مسكينا استطعم عائشة أم المؤمنين وبين يديها عنب ؛ فقالت لإنسان : خذ حبة فأعطه إياها. فجعل ينظر إليها ويعجب ؛ فقال : أتعجب! كم ترى في هذه الحبة من مثقال ذرة. وروي عن سعد بن أبي وقاص : أنه تصدق بتمرتين، فقبض السائل يده، فقال للسائل : ويقبل الله منا مثاقيل الذر، وفي التمرتين مثاقيل ذر كثيرة. وروى المطلب بن حنطب : أن أعرابيا سمع النبي ﷺ يقرؤها فقال : يا رسول الله، أمثقال ذرة! قال :"نعم" فقال الأعرابي : واسوأتاه! مرارا : ثم قام وهو يقولها ؛ فقال النبي ﷺ :