أي بالعدو "نقعا". وقد تقدم ذكر العدو. وقيل : النقع : ما يبين مزدلفة إلى مني ؛ قاله محمد ابن كعب القرظي. وقيل : إنه طريق الوادي ؛ ولعله يرجع إلى الغبار المثار من هذا الموضع. وفي الصحاح : النقع : الغبار، والجمع : نقاع. والنقع : محبس الماء، وكذلك ما اجتمع في البئر منه. وفي الحديث : أنه نهى أن يمنع نقع البئر. والنقع الأرض الحرة الطين يستنقع فيها الماء ؛ والجمع : نقاع وأنقع ؛ مثل بحر وبحار وأبحر.
قلت : وقد يكون النقع رفع الصوت، ومنه حديث عمر حين قيل له : إن النساء قد اجتمعن يبكين على خالد بن الوليد ؛ فقال : وما على نساء بني المغيرة أن يسفكن من دموعهن وهن جلوس على أبي سليمان، ما لم يكن نقع، ولا لقلة. قال أبو عبيد : يعني بالنقع رفع الصوت ؛ على هذا رأيت قول الأكثرين من أهل العلم ؛ ومنه قول لبيد :

فمتى ينقع صراخ صادق يحلبوها ذات جرس وزجل
ويروى "يحلبوها" أيضا. يقول : متى سمعوا صراخا أحلبوا الحرب، أي جمعوا لها. وقوله "ينقع صراخ " : يعني رفع الصوت. وقال الكسائي : قوله "نقع ولا لقلقة" النقع : صنعه الطعام ؛ يعني في المأتم. يقال منه : نقعت أنقع نقعا. قال أبو عبيد : ذهب بالنقع إلى النقيعة ؛ وإنما النقيعة عند غيره من العلماء : صنعة الطعام عند القدوم من سفر، لا في المأتم. وقال بعضهم : يريد عمر بالنقع : وضع التراب على الرأس ؛ يذهب إلى أن النقع هو الغبار. ولا أحسب عمر ذهب إلى هذا، ولا خافه منهن، وكيف يبلغ خوفه ذا وهو يكره لهن القيام. فقال : يسفكن من دموعهن وهن جلوس. قال بعضهم : النقع : شق الجيوب ؛ وهو الذي لا أدري ما هو من الحديث ولا أعرفه، وليس النقع عندي في الحديث إلا الصوت الشديد، وأما اللقطة : فشدة الصوت، ولم أسمع فيه اختلافا. وقرأ أبو حيوة ﴿فأثرن﴾ بالتشديد ؛ أي أرت آثار ذلك. ومن خفف فهو من أثار : إذا حرك ؛ ومنه ﴿وَأَثَارُوا الْأَرْضَ﴾.


الصفحة التالية
Icon