ذكر الحب ؛ لأنه قد جرى ذكره، ولرؤس الآي ؛ كقوله تعالى :﴿فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ﴾ والعصوف : للريح لا الأيام، فلما جرى ذكر الريح ؛ كأنه قال : في يوم عاصف الريح.
٩- ﴿أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ﴾
١٠- ﴿وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ﴾
١١- ﴿إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ﴾
قوله تعالى :﴿أَفَلا يَعْلَمُ﴾ أي ابن آدم ﴿إِذَا بُعْثِرَ﴾ أي أثير وقلب وبحث، فأخرج ما فيها. قال أبو عبيدة : بعثرت المتاع : جعلت أسفله أعلاه. وعن محمد بن كعب قال : ذلك حين يبعثون. الفراء : سمعت بعض أعراب بني أسد يقرأ :﴿بحثر﴾ بالحاء مكان العين ؛ وحكاه الماوردي عن ابن مسعود، وهما بمعنى. ﴿وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ﴾ أي ميز ما فيها من خير وشر ؛ كذا قال المفسرون : وقال ابن عباس : أبرز. وقرأ عبيد بن عمير وسعيد بن جبير ويحيى بن يعمر ونصر بن عاصم ﴿وحصل﴾ بفتح الحاء وتخفيف الصاد وفتحها ؛ أي ظهر. ﴿إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ﴾ أي عالم لا يخفى عليه منهم خافية. وهو عالم بهم في ذلك اليوم وفي غيره، ولكن المعنى أنه يجازيهم في ذلك اليوم. وقوله :﴿إِذَا بُعْثِرَ﴾ العامل في ﴿إِذَا﴾ :﴿بُعْثِرَ﴾، ولا يعمل فيه ﴿يَعْلَمُ﴾ ؛ إذ لا يراد به العلم من الإنسان ذلك الوقت، إنما يراد في الدنيا. ولا يعمل فيه ﴿خبير﴾ ؛ لأن ما بعد ﴿إِنَّ﴾ لا يعمل فيما قبلها. والعامل في ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ :﴿خبير﴾، وإن فصلت اللام بينهما ؛ لأن موضع اللام الابتداء. وإنما دخلت في الخبر لدخول ﴿إن﴾ على المبتدأ. ويروى أن الحجاج قرأ هذه السورة على المنبر يحضهم على الغزو، فجرى على لسانه :﴿أن ربهم﴾ بفتح الألف، ثم استدركها فقال :﴿خبير﴾ بغير لام. ولولا اللام لكانت مفتوحة، لوقوع العلم عليها. وقرأ أبو السمال ﴿إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ﴾. والله سبحانه وتعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon