أرى أهل القصور إذا أميتوا | بنوا فوق المقابر بالصخور |
أبوا إلا مباهاة وفخرا | على الفقراء حتى في القبور |
لكل أناس مقبر بفنائهم | فهم ينقصون والقبور تزيد |
الرابعة- لم يأت في التنزيل ذكر المقابر إلا في هذه السورة. وزيارتها من أعظم الدواء للقلب القاسي ؛ لأنها تذكر الموت والآخرة. وذلك يحمل على قصر الأمل، والزهد في الدنيا، وترك الرغبة فيها. قال النبي ﷺ :"كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروا القبور، فإنها تزهد في الدنيا، وتذكر الآخرة" رواه ابن مسعود ؛ أخرجه ابن ماجه. وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة :"فإنها تذكر الموت". وفي الترمذي عن بريدة :"فإنها تذكر الآخرة". قال : هذا حديث حسن صحيح. وفيه عن أبي هريرة : أن رسول الله ﷺ لعن زوارات القبور. قال : وفي الباب عن ابن عباس وحسان بن ثابت. قال أبو عيسى : وهذا حديث حسن صحيح. وقد رأى بعض أهل العلم أن هذا كان قبل أن يرخص النبي ﷺ في زيارة القبور ؛ فلما رخص دخل في رخصته الرجال والنساء. وقال بعضهم : إنما كره زيارة القبور للنساء لقلة صبرهن، وكثرة جزعهن.
قلت : زيارة القبور للرجال متفق عليه عند العلماء، مختلف فيه للنساء. أما الشواب فحرام عليهن الخروج، وأما القواعد فمباح لهن ذلك. وجائز لجميعهن. ذلك إذا انفردن بالخروج عن الرجال ؛ ولا يختلف في هذا إن شاء الله. وعلى هذا المعنى يكون قوله :"زوروا القبور" عاما. وأما موضع أو وقت يخشى فيه الفتنة من اجتماع الرجال والنساء، فلا يحل ولا يجوز.