والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما ؛ قوما" فقاما معه ؛ فأتى رجلا من الأنصار، فإذا هو ليس في بيته، فلما رأته المرأة قالت : مرحبا وأهلا. فقال لها رسول الله ﷺ :"أين فلان" ؟ قالت : يستعذب لنا من الماء ؛ إذ جاء الأنصاري، فنظر إلى رسول الله ﷺ صاحبيه، ثم قال : الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضافيا مني. قال : فانطلق، فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب، فقال : كلوا من هذه. وأخذ المدية فقال لرسول الله ﷺ :"إياك والحلوب" فذبح لهم، فأكلوا من الشاة، ومن ذلك العذق، وشربوا ؛ فلما أن شبعوا ورووا، قال رسول الله ﷺ لأبي بكر وعمر :"والذي نفسي بيده لتسألن عن نعيم هذا اليوم، يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوع، ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم". خرجه الترمذي، وقال [فيه] :"هذا والذي نفسي بيده من النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة : ظل بارد، ورطب طيب، وماء بارد" وكنى الرجل الذي من الأنصار، فقال : أبو الهيثم ابن التيهان. وذكر قصته.
قلت : اسم هذا الرجل الأنصاري مالك بن التيهان، ويكنى أبا الهيثم. وفي هذه القصة يقول عبدالرحمن رواحة، يمدح بها أبا الهيثم بن التيهان :
فلم أر كالإسلام عزا لأمة | ولا مثل أضياف الإراشي معشرا |
نبي وصديق وفاروق أمة | وخير بني حواء فرعا وعنصرا |
فوافوا لميقات وقدر قضية | وكان قضاء الله قدرا مقدرا |
إلى رجل نجد يباري بجوده | شموس الضحى جودا ومجدا ومفخرا |
وفارس خلق الله في كل غارة | إذا لبس القوم الحديد المسمرا |
ففدى وحيا ثم أدنى قراهم | فلم يقرهم إلا سمينا متمرا |