ثم اتفقا على أن يلتقيا بشخصيهما، فمن غلب فله الأمر. فتبارزا - وكان أرياط جسيما عظيما، في يده حربة، وأبرهة قصيرا حادرا ذا دين في النصرانية، ومع أبرهة وزير له يقال له عتودة - فلما دنوا ضرب أرياط بحربته رأس أبرهة، فوقعت على جبينه، فشرمت عينه وأنفه وجبينه وشفته ؛ فلذلك سمي الأشرم. وحمل عتودة على أرياط فقتله. فاجتمعت الحبشة لأبرهة ؛ فغضب النجاشي، وحلف ليحزن ناصية أبرهة، ويطأن بلاده. فجز أبرهة ناصيته وملأ مزودا من تراب أرضه، وبعث بهما إلى النجاشي، وقال : إنما كان عبدك، وأنا عبدك، وأنا أقوم بأمر الحبشة، وقد جززت ناصيتي، وبعثت إليك بتراب أرضي، لتطأه وتبر في يمينك ؛ فرضي عنه النجاشي. ثم بنى أبرهة كنيسة بصنعاء، ليصرف إليها حج العرب ؛ على ما تقدم.
الرابعة- قال مقاتل : كان عام الفيل قبل مولد النبي صلى الله عليه بأربعين سنة. وقال الكلبي وعبيد بن عمير : كان قبل مولد النبي ﷺ بثلاث وعشرين سنة. والصحيح ما روي عن النبي ﷺ أنه قال "ولدت عام الفيل". وروي عنه أنه قال :"يوم الفيل". حكاه الماوردي في التفسير له. وقال في كتاب أعلام النبوة : ولد رسول الله ﷺ يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول، وكان بعد الفيل بخمسين يوما. ووافق من شهور الروم العشرين من أسباط، في السنة الثانية عشرة من ملك هرمز بن أنوشروان. قال : وحكى أبو جعفر الطبري أن مولد النبي ﷺ كان لاثنتين وأربعين سنة من ملك أنوشروان. وقد قيل : إنه عليه السلام حملت به أمه آمنة في يوم عاشوراء من المحرم، وولد يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر رمضان ؛ فكانت مدة حمله ثمانية أشهر كملا ويومين من التاسع. وقيل : إنه ولد يوم عاشوراء من شهر المحرم ؛ حكاه ابن شاهين أبو حفص، في فضائل يوم عاشوراء له. ابن العربي : قال ابن وهب عن مالك : ولد رسول الله ﷺ عام الفيل، وقال قيس بن مخرمة : ولدت أنا ورسول الله ﷺ عام الفيل. وقد روى الناس عن مالك أنه قال :


الصفحة التالية
Icon