على ما هي عليه، من ثلاث عشرة ليلة كل منزلة، علمت أن ما بين تسع عشرة من هاتور لا تنقضي منازل إلا بدخول تسع عشرة من بشنس. والله أعلم.
الثالثة- قال قوم : الزمان أربعة أقسام : شتاء، وربيع، وصيف، وخريف. وقال قوم : هو شتاء، وصيف، وقيظ، وخريف. والذي قاله مالك أصح ؛ لأن الله قسم الزمان قسمين ولم يجعل لهما ثالثا.
الرابعة- لما امتن الله تعالى على قريش برحلتين، شتاء وصيفا، على ما تقدم، كان فيه دليل على جواز تصرف الرجل في الزمانين بين محلين، يكون حالهما في كل زمان أنعم من الآخر ؛ كالجلوس في المجلس البحري في الصيف، وفي القبلي في الشتاء، وفي اتخاذ البادهنجات والخيش للتبريد، واللبد واليانوسة للدفء.
٣- ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ﴾
أمرهم الله تعالى بعبادته وتوحيده، لأجل إيلافهم رحلتين. ودخلت الفاء لأجل ما في الكلام من معنى الشرط، لأن المعنى : إما لا فليعبدوه لإيلافهم ؛ على معنى أن نعم الله تعالى عليهم لا تحصى، فإن لم يعبدوه لسائر نعمه، فليعبدوه لشأن هذه الواحدة، التي هي نعمة ظاهرة. والبيت : الكعبة. وفي تعريف نفسه لهم بأنه رب هذا البيت وجهان : أحدهما لأنه كانت لهم أوثان فيميز نفسه عنها. الثاني : لأنهم بالبيت شرفوا على سائر العرب، فذكر لهم ذلك، تذكيرا لنعمته. وقيل :﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ﴾ أي ليألفوا عبادة رب الكعبة، كما كانوا يألفون الرحلتين. قال عكرمة : كانت قريش قد ألفوا رحلة إلى بصرى