بين الربوتين، والفلق أيضا مقطرة السجان. فأما الفلق (بالكسر) : فالداهية والأمر العجب ؛ تقول منه : أفلق الرجل وأفتلق. وشاعر مفلق، وقد جاء بالفلق (أي بالداهية). والفلق أيضا : القضيب يشق باثنين، فيعمل منه قوسان، يقال لكل واحدة منهما فلق، وقولهم : جاء بعلق فلق ؛ وهي الداهية ؛ لا يجرى (مجرى عمر). يقال منه : أعلقت وأفلقت ؛ أي جئت بعلق فلق. ومر يفتلق في عدوه ؛ أي يأتي بالعجب من شدته.
قوله تعالى :﴿مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ﴾ قيل : هو إبليس وذريته. وقيل جهنم. وقيل : هوعام ؛ أي من شر كل ذي شر خلقه الله عز وجل.
الخامسة- ﴿وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ﴾ اختلف فيه ؛ فقيل : هو الليل. والغسق : أول ظلمة الليل ؛ يقال منه : غسقا الليل يغسق أي أظلم. قال ابن قيس الرقيات :

إن هذا الليل قد غسقا واشتكيت الهم والأرقا
وقال آخر :
يا طيف هند لقد أبقيت لي أرقا إذ جئتنا طارقا والليل قد غسقا
هذا قول ابن عباس والضحاك وقتادة والسدي وغيرهم. و"وقب" على هذا التفسير : أظلم ؛ قاله ابن عباس. والضحاك : دخل. قتادة : ذهب. يمان بن رئاب : سكن. وقيل : نزل ؛ يقال : وقب العذاب على الكافرين ؛ نزل. قال الشاعر :
وقب العذاب عليهم فكأنهم لحقتهم نار السموم فاحصدوا
وقال الزجاج : قيل الليل غاسق لأنه أبرد من النهار. والغاسق : البارد. والغسق : البرد ؛ ولأن في الليل تخرج السباع من آجامها، والهوام من أماكنها، وينبعث أهل الشر على العبث


الصفحة التالية
Icon