فكأنه أقسم بالخلق. وقد يقسم اللّه تعالى بأسمائه وصفاته لعلمه، ويقسم بأفعاله لقدرته، كما قال تعالى :﴿وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى﴾. ويقسم بمفعولاته، لعجائب صنعه ؛ كما قال :﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴾، ﴿وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا﴾، ﴿وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ﴾. وقيل : الشفع : درجات الجنة، وهي ثمان. والوتر، دركات النار ؛ لأنها سبعة. وهذا قول الحسين بن الفضل ؛ كأنه أقسم بالجنة والنار. وقيل : الشفع : الصفا والمروة، والوتر : الكعبة. وقال مقاتل بن حيان : الشفع : الأيام والليالي، والوتر : اليوم الذي لا ليلة بعده، وهو يوم القيامة. وقال سفيان بن عيينه : الوتر : هو اللّه، وهو الشفع أيضا ؛ لقوله تعالى :﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ﴾. وقال أبو بكر الوراق : الشفع : تضاد أوصاف المخلوقين : العز والذل، والقدرة والعجز، والقوة والضعف، والعلم والجهل، والحياة والموت، والبصر والعمى، والسمع والصمم، والكلام والخرس. والوتر : انفراد صفات اللّه تعالى : عز بلا ذل، وقدرة بلا عجز، وقوة بلا ضعف، وعلم بلا جهل، وحياة بلا موت، وبصر بلا عمى، وكلام بلا خرس، وسمع بلا صمم، وما وازاها. وقال الحسن : المراد بالشفع والوتر : العدد كله ؛ لأن العدد لا يخلو عنهما، وهو إقسام بالحساب. وقيل : الشفع : مسجدي مكة والمدينة، وهما الحرمان. والوتر : مسجد بيت المقدس. وقيل : الشفع : القرن بين الحج والعمرة، أو التمتع بالعمرة إلى الحج. والوتر : الإفراد فيه. وقيل : الشفع : الحيوان ؛ لأنه ذكر وأنثى. والوتر : الجماد. وقيل : الشفع : ما ينمي، والوتر : ما لا ينمي. وقيل غير هذا. وقرأ ابن مسعود وأصحابه والكسائي وحمزة وخلف ﴿والوتر﴾ بكسر الواو. والباقون بفتح الواو، وهما لغتان بمعنى واحد. وفي الصحاح : الوتر بالكسر : الفرد، والوتر بفتح الواو : الذحل. هذه لغة أهل العالية. فأما لغة أهل الحجاز فبالضد منهم. فأما تميم فبالكسر فيهما.


الصفحة التالية
Icon