﴿ذَاتِ الْعِمَادِ﴾ يعني إحكام البنيان بالعمد. وفي الصحاح : والعماد : الأبنية الرفيعة، تذكر وتؤنث. قال عمرو بن كلثوم :
ونحن إذا عماد الحي خرت | على الأحفاض نمنع من يلينا |
٨- ﴿الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ﴾
قوله تعالى :﴿الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ﴾ الضمير في ﴿مِثْلُهَا﴾ يرجع إلى القبيلة. أي لم يخلق مثل القبيلة في البلاد : قوة وشدة، وعظم أجساد، وطول قامة ؛ عن الحسن وغيره. وفي حرف عبدالله ﴿الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ﴾. وقيل : يرجع للمدينة. والأول أظهر، وعليه الأكثر، حسب ما ذكرناه. ومن جعل ﴿إرم﴾ مدينة قدر حذفا ؛ المعنى : كيف فعل ربك بمدينة عاد إرم، أو بعد صاحبه إرم. وإرم على هذا : مؤنثة معرفة. واختار ابن العربي أنها دمشق، لأنه ليس في البلاد مثلها. ثم أخذ ينعتها بكثرة مياهها وخيراتها. ثم قال : وإن في الإسكندرية لعجائب، لو لم يكن إلا المنارة، فإنها مبنية الظاهر والباطن على العمد، ولكن لها أمثال، فأما دمشق فلا مثل لها. وقد روى معن عن مالك أن كتابا وجد بالإسكندرية، فلم يدر ما هو ؟ فإذا فيه : أنا شداد بن عاد، الذي رفع العماد، بنيتها حين لا شيب ولا موت. قال مالك : إن كان لتمر بهم