تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، ولم تحل لي إلا ساعة من نهار" الحديث. وقد تقدم في سورة "المائدة" ابن زيد : لم يكن بها أحد حلالا غير النبي ﷺ : وقيل : وأنت مقيم فيه وهو محلك. وقيل : وأنت فيه محسن، وأنا عنك فيه راض. وذكر أهل اللغة أنه يقال : رجل حل وحلال ومحل، ورجل حرام ومحل، ورجل حرام ومحرم. وقال قتادة : أنت حل به : لست بأثم. وقيل : هو ثناء على النبي ﷺ ؛ أي إنك غير مرتكب في هذا البلد ما يحرم عليك ارتكابه، معرفة منك بحق هذا البيت ؛ لا كالمشركين الذين يرتكبون الكفر بالله فيه. أي أقسم بهذا البيت المعظم الذي قد عرفت حرمته، فأنت مقيم فيه معظم له، غير مرتكب فيه ما يحرم عليك. وقال شرحبيل بن سعد :﴿وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ أي حلال ؛ أي هم يحرمون مكة أن يقتلوا بها صيدا أو يعضدوا بها شجرة، ثم هم مع هذا يستحلون إخراجك وقتلك.
٣- ﴿وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ﴾
قال مجاهد وقتادة والضحاك والحسن وأبو صالح :﴿وَوَالِدٍ﴾ آدم : عليه السلام. ﴿وَمَا وَلَدَ﴾ أي وما نسل من ولده. أقسم بهم لأنهم أعجب ما خلق الله تعالى على وجه الأرض ؛ لما فيهم من البيان والنطق والتدبير، وفيهم الأنبياء والدعاة إلى الله تعالى. وقيل : هو إقسام بآدم والصالحين من ذريته، وأما غير الصالحين فكأنهم بهائم. وقيل : الوالد إبراهيم. وما ولد : ذريته ؛ قال أبو عمران الجوني. ثم يحتمل أنه يريد جميع ذريته. ويحتمل أنه يريد المسلمين من ذريته. قال الفراء : وصلحت﴿ما﴾ للناس ؛ كقوله :﴿مَا طَابَ لَكُمْ﴾ وكقوله :﴿وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى﴾ وهو الخالق للذكر والأنثى، وقيل :﴿ما﴾ مع ما بعدها في موضع المصدر ؛ أي ووالد وولادته ؛ كقوله تعالى :﴿وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا﴾. وقال عكرمة وسعيد بن جبير :﴿وَوَالِدٍ﴾ يعني الذي يولد له، ﴿وَمَا وَلَدَ﴾