وذكروا أن اليتيم في الناس من قبل الأب. وفي البهائم من قبل الأمهات. وقد مضى في سورة "البقرة" مستوفى، وقال بعض أهل اللغة : اليتيم الذي يموت أبواه. وقال قيس بن الملوح :
إلى الله أشكو فقد ليلى كما شكا | إلى الله فقد الوالدين يتيم |
قوله تعالى :
﴿أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ﴾ أي لا شيء له، حتى كأنه قد لصق بالتراب من الفقر، ليس له مأوى إلا التراب. قال ابن عباس : هو المطروح على الطريق، الذي لا بيت له. مجاهد : هو الذي لا يقيه من التراب لباس ولا غيره. وقال قتادة : إنه ذو العيال. عكرمة : المديون. أبو سنان : ذو الزمانة. ابن جبير : الذي ليس له أحد. وروى عكرمة عن ابن عباس : ذو المتربة البعيد التربة ؛ يعني الغريب البعيد عن وطنه. وقال أبو حامد الخارزنجي : المتربة هنا : من التريب ؛ وهي شدة الحال. يقال ترب : إذا افتقر. قال الهذلي :
وكنا إذا ما الضيف حل بأرضنا | سفكنا دماء البدن في تربة الحال |
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي :
﴿فكَ﴾ بفتح الكاف، على الفعل الماضي.
﴿رقبة﴾ نصبا لكونها مفعولا
﴿أو أَطعم﴾ بفتح الهمزة نصب الميم، من غير ألف، على الفعل الماضي أيضا ؛ لقوله :
﴿ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فهذا أشكل بـ
﴿فك وأطعم﴾. وقرأ الباقون :
﴿فك﴾ رفعا، على أنه مصدر فككت.
﴿رقبة﴾ خفض بالإضافة.
﴿أو إطعام﴾ بكسر الهمزة وألف ورفع الميم وتنوينها على المصدر أيضا. واختاره أبو عبيد وأبو حاتم ؛ لأنه تفسير لقوله تعالى :
﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ﴾ ؟ ثم أخبره فقال :
﴿فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ﴾. المعنى : اقتحام العقبة : فك رقبة أو إطعام. ومن قرأ بالنصب فهو محمول على المعنى ؛ أي ولا فك رقبة، ولا أطعم في يوم ذا مسغبة ؛ فكيف يجاوز العقبة. وقرأ الحسن وأبو رجاء :
﴿ذا مسغبة﴾ بالنصب على أنه مفعول
﴿إطعام﴾ أي يطعمون ذا مسغبة و
﴿يتيما﴾ بدل منه. الباقون
﴿ذي مسغبة﴾ فهو صفة لـ
﴿يوم﴾. ويجوز أن يكون قراءة النصب صفة لموضع الجار والمجرور لأن قوله :
﴿في يوم﴾ ظرف منصوب الموضع، فيكون وصفا له على المعنى دون اللفظ.