الثامنة عشرة :- قال ابن المنذر : أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن الفيء الجماع لمن لا عذر له، فإن كان له عذر مرض أو سجن أو شبه ذلك فإن ارتجاعه صحيح وهي امرأته، فإذا زال العذر بقدومه من سفره أو إفاقته من مرضه، أو انطلاقه من سجنه فأبى الوطء فرق بينهما إن كانت المدة قد انقضت، قاله مالك في المدونة والمبسوط. وقال عبدالملك : وتكون بائنا منه يوم انقضت المدة، فإن صدق عذره بالفيئة إذا أمكنته حكم بصدقه فيما مضى، فان أكذب ما ادعاه من الفيئة بالامتناع حين القدرة عليها، حمل أمره على الكذب فيها واللدد، وأمضيت الأحكام على ما كانت تجب في ذلك الوقت. وقالت طائفة : إذا شهدت بينة بفيئته في حال العذر أجزأه، قاله الحسن وعكرمة والنخعي : وبه قال الأوزاعي. وقال النخعي أيضا : يصح الفيء بالقول والإشهاد فقط، ويسقط حكم الإيلاء، أرأيت إن لم ينتشر للوطء، قال ابن عطية : ويرجع هذا القول إن لم يطأ إلى باب الضرر. وقال أحمد بن حنبل : إذا كان له عذر يفيء بقلبه، وبه قال أبو قلابة. وقال أبو حنيفة : إن لم يقدر على الجماع فيقول : قد فئت إليها. قال الكيا الطبري : أبو حنيفة يقول فيمن آلى وهو مريض وبينه وبينها مدة أربعة أشهر، وهي رتقاء أو صغيره أو هو مجبوب : إنه إذا فاء إليها بلسانه ومضت المدة والعذر قائم فذلك فيء صحيح، والشافعي يخالفه على أحد مذهبيه. وقالت طائفة : لا يكون الفيء إلا بالجماع في حال العذر وغيره، وكذلك قال سعيد بن جبير، قال : وكذلك إن كان في سفر أو سجن.
التاسعة عشرة :- أوجب مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم وجمهور العلماء الكفارة على المولي إذا فاء بجماع امرأته. وقال الحسن : لا كفارة عليه، وبه قال النخعي، قال النخعي : كانوا يقولون إذا فاء لا كفارة عليه. وقال إسحاق : قال بعض أهل التأويل في قوله تعالى :﴿فَإِنْ فَاءُوا﴾ يعني لليمين التي حنثوا فيها، وهو مذهب في الأيمان لبعض التابعين فيمن حلف على بر أو تقوى أو باب من الخير ألا يفعله فإنه يفعله ولا كفارة عليه،