قال : فجعل الخوف لغير الزوجين، ولو أراد الزوجين لقال : فإن خافا، وفي هذا حجة لمن جعل الخلع إلى السلطان.
قلت : وهو قول سعيد بن جبير والحسن وابن سيرين. وقال شعبة : قلت لقتادة : عمن أخذ الحسن الخلع إلى السلطان ؟ قال : عن زياد، وكان واليا لعمر وعلي. قال النحاس : وهذا معروف عن زياد، ولا معنى لهذا القول لأن الرجل إذا خالع امرأته فإنما هو على ما يتراضيان به، ولا يجبره السلطان على ذلك، ولا معنى لقول من قال : هذا إلى السلطان. وقد أنكر اختياره أبي عبيد ورد، وما علمت في اختياره شيئا أبعد من هذا الحرف، لأنه لا يوجبه الإعراب ولا اللفظ ولا المعنى. أما الإعراب فإن عبدالله بن مسعود قرأ "إلا أن يخافا" تخافوا، فهذا في العربية إذا رد إلى ما لم يسم فاعله قيل : إلا أن يخاف. وأما اللفظ فإن كان على لفظ "يخافا" وجب أن يقال : فإن خيف. وإن كان على لفظ "فإن خفتم" وجب أن يقال : إلا أن تخافوا. وأما المعنى فإنه يبعد أن يقال : لا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا، إلا أن يخاف غيركم ولم يقل جل وعز : فلا جناح عليكم أن تأخذوا له منها فدية، فيكون الخلع إلى السلطان. قال الطحاوي : وقد صح عن عمر وعثمان وابن عمر جوازه دون السلطان، وكما جاز الطلاق والنكاح دون السلطان فكذلك الخلع، وهو قول الجمهور من العلماء.
الرابعة :- قوله تعالى :﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا﴾ أي على أن لا يقيما. ﴿حُدُودُ اللَّهِ﴾ أي فيما يجب عليهما من حسن الصحبة وجميل العشرة. والمخاطبة للحكام والمتوسطين لمثل هذا الأمر وإن لم يكن حاكما. وترك إقامة حدود الله هو استخفاف المرأة بحق زوجها، وسوء طاعتها إياه، قاله ابن عباس ومالك بن أنس وجمهور الفقهاء. وقال الحسن بن أبي الحسن وقوم معه : إذا قالت المرأة لا أطيع لك أمرا، ولا أغتسل لك من جنابة، ولا أبر لك قسما، حل الخلع. وقال الشعبي :﴿أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ﴾ ألا يطيعا الله، وذلك أن المغاضبة تدعو إلى ترك الطاعة. وقال عطاء بن أبي رباح : يحل الخلع والأخذ أن تقول


الصفحة التالية
Icon