قِنْطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} [النساء : ٢٠]. قال النحاس : هذا قول شاذ خارج عن الإجماع لشذوذه، وليست إحدى الآيتين دافعة للأخرى فيقع النسخ. ، لأن قوله ﴿فإن خفتم ﴾ الآية، ليست بمزالة بتلك الآية، لأنهما إذا خافا هذا لم يدخل الزوج. في ﴿ وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج﴾ لأن هذا للرجال خاصة. وقال الطبري : الآية محكمة، ولا معنى لقول بكر : إن أرادت هي العطاء فقد جوز النبي ﷺ لثابت أن يأخذ من زوجته ما ساق إليها كما تقدم.
الخامسة - تمسك بهذه الآية من رأى اختصاص الخلع بحالة الشقاق والضرر، وأنه شرط في الخلع، وعضد هذا بما رواه أبو داود عن عائشة أن حبيبة بنت سهل كانت عند ثابت بن قيس بن شماس فضربها فكسر نغضها، فأتت رسول الله ﷺ بعد الصبح فاشتكت إليه، فدعا النبي ﷺ ثابتا فقال :"خذ بعض مالها وفارقها". قال : ويصلح ذلك يا رسول الله ؟ قال :"نعم". قال : فإني أصدقتها حديقتين وهما بيدها، فقال النبي ﷺ :"خذهما وفارقها" فأخذهما وفارقها. والذي عليه الجمهور من الفقهاء أنه يجوز الخلع من غير اشتكاء ضرر، كما دل عليه حديث البخاري وغيره. وأما الآية فلا حجة فيها، لأن الله عز وجل لم يذكرها على جهة الشرط، وإنما ذكرها لأنه الغالب من أحوال الخلع، فخرج القول على الغالب، والذي يقطع العذر ويوجب العلم قوله تعالى :﴿ وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً﴾ [النساء : ٤].
السادس - لما قال الله تعالى :﴿فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ دل على جواز الخلع بأكثرها مما أعطاها. وقد اختلف العلماء في هذا، فقال مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم وأبو ثور : يجوز أن تفتدى منه بما تراضيا عليه، كان أقل مما أعطاها أو أكثر منه. وروي