الثالثة :- روى النسائي عن عبدالله قال :"لعن رسول الله ﷺ الواشمة والمستوشمة والواصلة والمستوصلة وآكل الربا وموكله والمحلل والمحلل له". وروى الترمذي عن عبدالله بن مسعود قال :"لعن رسول الله ﷺ المحلل والمحلل له". وقال : هذا حديث حسن صحيح. وقد روى هذا الحديث عن النبي ﷺ من غير وجه. والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ، منهم عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعبدالله بن عمر وغيرهم، وهو قول الفقهاء من التابعين، وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي ومالك وأحمد وإسحاق، وسمعت الجارود يذكر عن وكيع أنه قال بهذا، وقال : ينبغي أن يرمى بهذا الباب من قول أصحاب الرأي. وقال سفيان : إذا تزوج الرجل المرأة ليحلها ثم بدا له أن يمسكها فلا تحل له حتى يتزوجها بنكاح جديد.
قال أبو عمر بن عبدالبر : اختلف العلماء في نكاح المحلل، فقال مالك، المحلل لا يقيم على نكاحه حتى يستقبل نكاحا جديدا، فإن أصابها فلها مهر مثلها، ولا تحلها إصابته لزوجها الأول، وسواء علما أو لم يعلما إذا تزوجها ليحلها، ولا يقر على نكاحه ويفسخ، وبه قال الثوري والأوزاعي. وفيه قول ثان روي عن الثوري في نكاح الحيار والمحلل أن النكاح جائز والشرط باطل، وهو قول ابن أبي ليلى في ذلك وفي نكاح المتعة. وروي عن الأوزاعي في نكاح المحلل : بئس ما صنع والنكاح جائز. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد : النكاح جائز إن دخل بها، وله أن يمسكها إن شاء. وقال أبو حنيفة مرة هو وأصحابه : لا تحل للأول إن تزوجها ليحلها، ومرة قالوا : تحل له بهذا النكاح إذا جامعها وطلقها. ولم يختلفوا في أن نكاح هذا الزوج صحيح، وأن له أن يقيم عليه. وفيه قول ثالث - قال الشافعي : إذا قال أتزوجك لأحلك ثم لا نكاح بيننا بعد ذلك فهذا ضرب من نكاح المتعة، وهو فاسد لا يقر عليه ويفسخ، ولو وطئ على هذا لم يكن تحليلا. فإن تزوجها تزوجا مطلقا لم يشترط ولا اشترط عليه التحليل فللشافعي في ذلك قولان في كتابه القديم : أحدهما


الصفحة التالية
Icon