هو الفطام، وفصالهما هو الفصال ليس لأحد عنه منزع، إلا أن يتفق الأبوان على أقل من ذلك العدد من غير مضارة بالولد، فذلك جائز بهذا البيان. وقال قتادة : كان الرضاع واجبا في الحولين وكان يحرم الفطام قبله، ثم خفف وأبيح الرضاع أقل من الحولين بقوله :﴿فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً﴾ الآية. وفي هذا دليل على جواز الاجتهاد في الأحكام بإباحة الله تعالى للوالدين التشاور فيما يؤدي إلى صلاح الصغير، وذلك موقوف على غالب ظنونهما لا على الحقيقة واليقين، والتشاور : استحراج الرأي، وكذلك المشاورة، والمشورة كالمعونة، وشرت العسل : استخرجته، وشرت الدابة وشورتها أي أجريتها لاستخراج جريها، والشوار : متاع البيت، لأنه يظهر للناظر، والشارة : هيئة الرجل، والإشارة : إخراج ما في نفسك وإظهاره.
السابعة عشرة - : قوله تعالى :﴿وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾ أي لأولادكم غير الوالدة، قاله الزجاج. قال النحاس : التقدير في العربية أن تسترضعوا أجنبية لأولادكم، مثل ﴿كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ﴾ [المطففين : ٣] أي كالوا لهم أو وزنوا لهم، وحذفت اللام لأنه يتعدى إلى مفعولين أحدهما بحرف، وأنشد سيبوبه :

أمرتك الخير فافعل ما أمرت به فقد تركتك ذا مال وذا نشب
ولا يجوز : دعوت زيدا، أي دعوت لزيد، لأنه يؤدي إلى التلبيس، فيعتبر في هذا النوع السماع.
قلت : وعلى هذا يكون في الآية دليل على جواز اتخاذ الظئر إذا اتفق الآباء والأمهات على ذلك. وقد قال عكرمة في قوله تعالى :﴿لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ﴾ معناه الظئر، حكاه ابن عطية. والأصل أن كل أم يلزمها رضاع ولدها كما أخبر الله عز وجل، فأمر الزوجات بإرضاع أولادهن، وأوجب لهن على الأزواج النفقة والكسوة والزوجية قائمة، فلو كان الرضاع على الأب لذكره مع ما ذكره من رزقهن وكسوتهن، إلا أن مالكا رحمه الله دون فقهاء الأمصار استثنى الحسيبة فقال : لا يلزمها رضاعه. فأخرجها من الآية وخصصها بأصل من أصول الفقه وهو العمل بالعادة. وهذا أصل لم يتفطن له إلا مالك. والأصل البديع فيه أن،


الصفحة التالية
Icon