الطلاق ﴿وَالَّذِينَ﴾ أي والرجال الذين يموتون منكم. ﴿وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً﴾ أي يتركون أزواجا، أي ولهم زوجات ؛ فالزوجات ﴿يَتَرَبَّصْنَ﴾ ؛ قال معناه الزجاج واختاره النحاس. وحذف المبتدأ في الكلام كثير ؛ كقوله تعالى :﴿قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ﴾ [الحج : ٧٢] أي هو النار. وقال أبو علي الفارسي : تقديره والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بعدهم ؛ وهو كقولك : السمن منوان بدرهم، أي منوان منه بدرهم. وقيل : التقدير وأزواج الذين يتوفون منكم يتربصن ؛ فجاءت العبارة في غاية الإيجاز وحكى المهدوي عن سيبويه أن المعنى : وفيما يتلى عليكم الذين يتوفون. وقال بعض نحاة الكوفة : الخبر عن ﴿ وَالَّذِينَ﴾ متروك، والقصد الإخبار عن أزواجهم بأنهن يتربصن ؛ وهذا اللفظ معناه الخبر عن المشروعية في أحد الوجهين كما تقدم.
الثانية :- هذه الآية في عدة المتوفى عنها زوجها، وظاهرها العموم ومعناها الخصوص. وحكى المهدوي عن بعض العلماء أن الآية تناولت الحوامل ثم نسخ ذلك بقوله ﴿وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق : ٤]. وأكثر العلماء على أن هذه الآية ناسخة لقوله عز وجل :﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ﴾ [البقرة : ٢٤٠] لأن الناس أقاموا برهة من الإسلام إذا توفى الرجل وخلف امرأته حاملا أوصى لها زوجها بنفقة سنة وبالسكنى ما لم تخرج فتتزوج ؛ ثم نسخ ذلك بأربعة أشهر وعشر وبالميراث. وقال قوم : ليس في هذا نسخ وإنما هو نقصان من الحول ؛ كصلاة المسافر لما نقصت من الأربع إلى الاثنتين لم يكن هذا نسخا. وهذا غلط بين ؛ لأنه إذا كان حكمها أن تعتد سنة إذا لم تخرج، فإن خرجت لم تمنع، ثم أزيل هذا ولزمتها العدة أربعة أشهر وعشرا. وهذا هو النسخ، وليست صلاة المسافر من هذا في شيء. وقد قالت عائشة رضي الله عنها : فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، فزيد في صلاة الحضر وأقرت صلاة السفر بحالها ؛ وسيأتي.
الثالثة :- عدة الحامل المتوفى عنها زوجها وضع حملها عند جمهور العلماء. وروي عن علي بن أبي طالب وابن عباس أن تمام عدتها آخر الأجلين ؛ واختاره سحنون من علمائنا. ،