وحسبك، قال الباجي : لم يرو عنه غيره، وقد أخذ به عثمان بن عفان. قال أبو عمر : وقضى به في اعتداد المتوفى عنها في بيتها، وهو حديث معروف مشهور عند علماء الحجاز والعراق أن المتوفى عنها زوجها عليها أن تعتد في بيتها ولا تخرج عنه، وهو قول جماعة فقهاء الأمصار بالحجاز والشام والعراق ومصر. وكان داود يذهب إلى أن المتوفى عنها زوجها ليس عليها أن تعتد في بيتها وتعتد حيث شاءت، لأن السكنى إنما ورد به القرآن في المطلقات ؛ ومن حجته أن المسألة مسألة خلاف. قالوا : وهذا الحديث إنما ترويه امرأة غير معروفة بحمل العلم ؛ وإيجاب السكنى إيجاب حكم، والأحكام لا تجب إلا بنص كتاب الله أو سنة أو إجماع. قال أبو عمر : أما السنة فثابتة بحمد الله، وأما الإجماع فمستغنى عنه بالسنة ؛ لأن الاختلاف إذا نزل في مسألة كانت الحجة في قول من وافقته السنة، وبالله التوفيق : وروي عن علي وابن عباس وجابر وعائشة مثل قول داود ؛ وبه قال جابر بن زيد وعطاء والحسن البصري. قال ابن عباس : إنما قال الله تعالى :﴿يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً﴾ ولم يقل يعتددن في بيوتهن، ولتعتد حيث شاءت ؛ وروي عن أبي حنيفة. وذكر عبدالرزاق قال : حدثنا معمر عن الزهري عن عروة قال : خرجت عائشة بأختها أم كلثوم - حين قتل عنها زوجها طلحة بن عبيدالله - إلى مكة في عمرة، وكانت تفتي المتوفى عنها زوجها بالخروج في عدتها. قال : وحدثنا الثوري عن عبيدالله بن عمر أنه سمع القاسم بن محمد يقول : أبى الناس ذلك عليها. قال : وحدثنا معمر عن الزهري قال : أخذ المترخصون في المتوفى عنها زوجها بقول عائشة، وأخذ أهل الورع والعزم بقول ابن عمر. وفي الموطأ : أن عمر بن الخطاب كان يرد المتوفى عنهن أزواجهن من البيداء يمنعهن الحج. وهذا من عمر رضي الله عنه اجتهاد ؛ لأنه كان يرى اعتداد المرأة في منزل زوجها المتوفى عنها لازما لها ؛ وهو مقتضى القرآن والسنة، فلا يجوز لها أن تخرج في حج ولا عمرة حتى تنقضي عدتها. وقال مالك : ترد ما لم تحرم.
السادسة :- إذا كان الزوج يملك رقبة المسكن فإن للزوجة العدة فيه ؛ وعليه أكثر الفقهاء : مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم لحديث الفريعة. وهل يجوز بيع الدار،