الحادية والعشرون :- واختلفوا في عدة أم الولد إذا توفى عنها سيدها ؛ فقالت طائفة : عدتها أربعة أشهر وعشر ؛ قاله جماعة من التابعين منهم سعيد والزهري والحسن البصري وغيرهم، وبه قال الأوزاعي وإسحاق. وروى أبو داود والدارقطني عن قبيصة بن ذؤيب عن عمرو بن العاص قال : لا تلبسوا علينا سنة نبينا ﷺ، عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشر ؛ يعني في أم الولد ؛ لفظ أبي داود. وقال الدارقطني : موقوف. وهو الصواب، وهو مرسل لأن قبيصة لم يسمع من عمرو. قال ابن المنذر : وضعف أحمد وأبو عبيد هذا الحديث. وروي عن علي وابن مسعود أن عدتها ثلاث حيض ؛ وهو قول عطاء وإبراهيم النخعي وسفيان الثوري وأصحاب الرأي ؛ قالوا : لأنها عدة تجب في حال الحرية، فوجب أن تكون عدة كاملة ؛ أصله عدة الحرة. وقال مالك والشافعي وأحمد وأبو ثور : عدتها حيضة ؛ وهو قول ابن عمر. وروي عن طاوس أن عدتها نصف عدة الحرة المتوفى عنها ؛ وبه قال قتادة. قال ابن المنذر : وبقول ابن عمر أقول ؛ لأنه الأقل مما قيل فيه وليس فيه سنة تتبع ولا إجماع يعتمد عليه. وذكر اختلافهم في عدتها في العتق كهو في الوفاة سواء، إلا أن الأوزاعي جعل عدتها في العتق ثلاث حيض.
قلت : أصح هذه الأقوال قول مالك، لأن الله سبحانه قال :﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة : ٢٢٨] فشرط في تربص الأقراء أن يكون عن طلاق ؛ فانتفى بذلك أن يكون عن غيره. وقال :﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً﴾ فعلق وجوب ذلك بكون المتربصة زوجة ؛ فدل على أن الأمة بخلافها. وأيضا فإن هذه أمة موطوءة بملك اليمين فكان استبراؤها بحيضة ؛ أصل ذلك الأمة.
الثانية والعشرون :- إذا ثبت هذا فهل عدة أم الولد استبراء محض أو عدة ؛ فالذي ذكره أبو محمد في معونته أن الحيضة استبراء وليست بعدة. وفي المدونة أن أم الولد عليها العدة، وأن عدتها حيضة كعدة الحرة ثلاث حيض. وفائدة الخلاف أنا إذا قلنا هي عدة فقد