حلت خطبها مع الخطاب ؛ هذه رواية ابن وهب. وروى أشهب عن مالك أنه يفرق بينهما إيجابا ؛ وقاله ابن القاسم. وحكى ابن الحارث مثله عن ابن الماجشون، وزاد ما يقتضي أن التحريم يتأبد. وقال الشافعي : إن صرح بالخطبة وصرحت له بالإجابة ولم يعقد النكاح حتى تنقضي العدة فالنكاح ثابت والتصريح لها مكروه لأن النكاح حادث بعد الخطبة ؛ قاله ابن المنذر.
التاسعة :- قوله تعالى :﴿إِلاَّ أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً﴾ استثناء منقطع بمعنى لكن ؛ كقوله :﴿إِلاَّ خَطَأً﴾ [النساء : ٩٢] أي لكن خطأ. والقول المعروف هو ما أبيح من التعريض. وقد ذكر الضحاك أن من القول المعروف أن يقول للمعتدة : احبسي علي نفسك فإن لي بك رغبة ؛ فتقول هي : وأنا مثل ذلك ؛ وهذا شبه المواعدة.
قوله تعالى :﴿وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾ فيه تسع مسائل :
الأولى - : قوله تعالى :﴿وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ﴾ قد تقدم القول في معنى العزم ؛ يقال : عزم الشيء وعزم عليه. والمعنى هنا : ولا تعزموا على عقدة النكاح. ومن الأمر البين أن القرآن أفصح كلام ؛ فما ورد فيه فلا معترض عليه، ولا يشك في صحته وفصاحته ؛ وقد قال الله تعالى :﴿وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ﴾ [البقرة : ٢٢٧] وقال هنا :﴿وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ﴾ والمعنى : لا تعزموا على عقدة النكاح في زمان العدة ثم حذف على ما تقدم. وحكى سيبويه : ضرب فلان الظهر والبطن ؛ أي على. قال سيبويه : والحذف في هذه الأشياء لا يقاس عليه. قال النحاس : ويجوز أن يكون "ولا تعقدوا عقدة النكاح" ؛ لأن معنى "تعزموا" وتعقدوا واحد. ويقال :"تعزموا" بضم الزاي.
الثانية :- قوله تعالى :﴿حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾ يريد تمام العدة. والكتاب هنا هو الحد الذي جعل والقدر الذي رسم من المدة ؛ سماها كتابا إذ قد حده وفرضه كتاب الله كما قال "كتاب الله عليكم" وكما قال :﴿إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً﴾ [النساء : ١٠٣]. فالكتاب : الفرض، أي حتى يبلغ الفرض أجله ؛ ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ [البقرة : ١٨٣] أي فرض. وقيل :